وقال الشوكانى: ومن أهل العلم من توسط بين المقامين فقال: التأويل يطلق ويراد به فى القرآن شيئان، أحدهما: التأويل بمعنى حقيقة الشئ وما يؤول أمره إليه ….. فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة - تام - لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه إلا الله عز وجل ….. وأما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والبيان فالوقف على (والراسخون فى العلم) لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار.(١)
وحاصل ذلك أننا لو نظرنا بإمعان إلى رأى الفريقين لأدركنا أن كل فريق قد أصاب الحقيقة من وجه وذلك بأن نحمل رأى المعارضين لمعرفة الراسخين فى العلم لتأويل المتشابه نحمله على نوع منه وهو الذى استأثر الله بعلمه، فهذا لا اطلاع لأحد عليه إلا الله كوقت الساعة وخروج الدابة ونزول المسيح …. الخ
ونحمل رأى المؤيدين على المتشابه الذى يعرف المراد منه بالبحث والنظر، فإن الراسخين فى العلم يعلمون تأويله حيث هم أهل البحث والنظر، وذلك مثل المتشابه الذى يرجع التشابه فيه إلى اللفظ المفرد من جهة غرابته أو اشتراكه أو ما يرجع التشابه فيه إلى تركيب الكلام ونحو ذلك.(٢)
٢- قال تعالى: ((ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه))(٣)

(١) فتح القدير - ١/٤٠١.
(٢) راجع هذا البحث بتوسع فى كتاب إزالة الإلباس - ص٣٦: ٦١.
(٣) سورة يوسف: ٢٤، وهذه الآية وردت فى الحديث عن يوسف عليه السلام حين راودته امرأة العزيز عن نفسه فعصمه الله، ولقد وردت إسرائيليات كثيرة حول تفسير هذه الآية لا تليق ومقام يوسف نبى الله المعصوم بعصمة الله من الوقوع فى مثل ما نسب إليه زوراً وبهتاناً، وقد ناقشت هذه الإسرائيليات بتفصيل ورددت عليها فى كتابى :"الإسرائليات فى التفسير وتأثيرها على مفهوم عصمة الأنبياء والملائكة".


الصفحة التالية
Icon