وقد أجاب الفخر الرازى عن هذين الاعتراضين بأن ما ذكره الزجاج من كون جواب لولا لا يتقدمها، وأنه ينبغى أن يقترن باللام إنما هو من الأوجه الجائزة فقط، ولا يناقض هذا جواز تقديم جوابها عليها وعدم اقترانه باللام، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذا، قال تعالى:((إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها))(١)
ج- واعترض بعضهم على هذا الوجه أيضاً بقوله: إنه لو لم يوجد الهم لما كان لقوله تعالى ((لولا أن رأى برهان ربه)) فائدة.
وقد دفع الفخر الرازى هذا الاعتراض أيضاً بقوله:
بل فيه أعظم الفوائد، وهو بيان أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته فى النساء وعدم قدرته عليهن، بل لأجل أن دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل.(٢)
وأما بالنسبة للرأى الثانى والذى يرى أصحابه أن الوقف يكون على (برهان ربه) وليس على (همت به)، فحجتهم أن جواب لولا لا يمكن أن يتقدم عليها، وقد سبق ذكر هذا الاعتراض والرد عليه.
ولذلك نحوا تفسير الآية مناحى متعددة أذكر منها ما يحتمله نص الآية ويليق فى ذات الوقت بمقام النبوة وأضرب صفحاً عن الترهات والأباطيل والإسرائيليات التى تتنافى وعصمة الأنبياء مما هو مذكور فى كثير من كتب التفسير ؛ لأن مثل ذلك إن جاز أن يذكر فلأجل أن ينقد ويكشف عن تهافته فقط، وقد قمت بذلك بحمد الله فى كتابى "الإسرائيليات فى التفسير وتأثيرها على مفهوم عصمة الأنبياء والملائكة".
ومن هذه الوجوه المحتملة كتفسير للآية على رأى من يرى أن الوقف يكون على (برهان ربه) ما يلى:

(١) سورة القصص: ١٠.
(٢) تفسير الفخر الرازى - ٩/٢٨، ٢٩.


الصفحة التالية
Icon