وثمة اعتبارات أخرى تعطي القراءات مجالا أوسع في تعداد أنواعها، وسيتناول هذا المبحث منها ما يخص الحكم منها، حيث ستتم دراسة القراءات من جهة المقروء به وغير المقروء به، ومراتب كل منهما.
ما يُقرأ به وما لا يُقرأ به
ليس كل ما يُروى من القراءات تجوز القراءة به الآن، وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يُعوّل عليه في ذلك ؟ أهو ما جاء عن القراء السبعة أو عن العشرة ؟ أو ما توفرت فيه أركان صحة القراءة وإن كان عن غير السبعة و العشرة ؟ أو أن المعتمد عليه في ذلك ما ورد في كتب القراءات أو كتب معينة منها ككتاب السبعة والشاطبية والنشر ؟
والحق أن الذي يجب أن يعول عليه ما نقل متواترا مشافهة، واستمرّ على هذا النحو، حيث ورد عن غير واحد من الصحابة والتابعين أن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول(١)[٣١])، وعن علي بن أبي طالب ( ت ٤٠ هـ ) رضي الله عنه أنه قال :" إن رسول الله ﷺ يأمركم أن يقرأ كل رجل كما عُلّم "(٢)[٣٢]).
وذلك أن القراءات لا تضبط إلا بالتلقي والسماع من الشيوخ ومشافهتهم بها كما أخذوها عمن قبلهم هكذا إلى النبي ﷺ، وهذا يمثل الشرط الأول في أركان القراءة، وهو صحة النقل، والشرطان الآخران وهما الرسم والعربية لازِمان لهذا النوع من القراءات المقروء بها(٣)[٣٣]).

(١) ٣١] ) انظر السبعة لابن مجاهد صـ ٥١، ٥٢.
(٢) ٣٢] ) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن صـ ١٨٢ واللفظ له، وأحمد في مسنده ٧/٨٨ رقم الحديث ٣٩٨١، والطبري في تفسيره ١/١٢، والحاكم في مستدركه ٢/٢٢٣ وقال :"هذا حديث صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن مجاهد في السبعة صـ ٤٧.
(٣) ٣٣] )انظر النشر في القراءات العشر ١/١٠.


الصفحة التالية
Icon