وقد ظل هذا المعيار هو الحكم الذي يُحتكم إليه عند اختلاف أوجه القراءات، ولا سيما بعد أن كثر الاختلاف فيما يحتمله الرسم، وكثر أهل البدع الذين قرؤوا بما لا تحل تلاوته(١)[٢١]).
وكلما تقادم الزمن كثر القراء وانتشروا، وخلفهم أجيال بعد أجيال في طبقات متتابعة، فمنهم المجوّد للتلاوة المشهور بالرواية والدراية، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف، وكثر بسبب ذلك الاختلاف، وكاد يختلط المتواتر بالشاذّ، فانبرى جهابذة العلماء فميزوا ذلك وحرروه وضبطوه في مؤلفاتهم(٢)[٢٢]).
قال الحافظ ابن الجزري ( ت ٨٣٣ هـ ) :"وإذا كان صحة السند من أركان القراءة كما تقدم تعين أن يعرف حال رجال القراءات كما يعرف أحوال رجال الحديث، لا جرم اعتنى الناس بذلك قديما، وحرص الأئمة على ضبطه عظيما، وأفضل من علمناه تعاطى ذلك وحققه، وقيد شوارده ومطلقه، إماما الغرب والشرق الحافظ الكبير الثقة ـ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ـ مؤلف التيسير وجامع البيان وتاريخ القراء وغير ذلك ومن انتهى إليه تحقيق هذا العلم وضبطه وإتقانه ببلاد الأندلس والقطر الغربي، والحافظ الكبير ـ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني ـ مؤلف الغاية في القراءات العشر وطبقات القراء وغير ذلك ومن انتهى إليه معرفة أحوال النقلة وتراجمهم ببلاد العراق والقطر الشرقي.
ومن أراد الإحاطة بذلك فعليه بكتابنا غاية النهاية في أسماء رجال القراءات أويى الرواية والدراية"(٣)[٢٣]).
(٢) ٢٢]) انظر إبراز المعاني في حرز الأماني لأبي شامة صـ٤.
(٣) ٢٣] ) النشر في القراءات العشر ١/١٩٣.