وينبغي أن يبين صفيرها أكثر من الصاد لأن الصاد بين الإطباق نحو (بسطة) و (مسطورا) و (تسطع) و (أقسط) فتلفظ بها في حالي سكونها وتحريكها برفق ورقة.
وإذا سكنت وأتى بعده جيم أو تاء فبينها نحو (مستقيم) و(مسجد) ونحو ذلك.
ولولا تبيينها لالتبست بالزاي للمجاورة.
واحذر أن تحركها عند بيانك صفيرها. [١٢٢]
ومن ذلك الضاد فإنه حرف عسير على اللسان والناس يتفاضلون في النطق به
قال ابن الجزري: فمنهم من يجعله (ظاء) مطلقا، لأنه يشارك الظاء في صفاتها كلها ويزيد عليها بالاستطالة، فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء.
وإبدالها ظاء لا يجوز في كلام الله تعالى لمخالفته المعنى الذي أراد الله تعالى إذ لو قلنا (الضالين) بالظاء كان معناه الدائمين وهذا خلاف مراد الله تعالى وهو مبطل للصلاة، لأن الضلال بالضاد هو ضد الهدى كقوله ﴿ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ ﴿وَلا الضَّالِّينَ﴾ ونحوه وبالظاء هو الدوام كقوله ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً﴾
ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها من دونه ممزوجة بالطاء المهملة لا يقدرون على غير ذلك ومنهم من يخرجها لاماً مفخمة.
وإذا أتى بعد الضاد حرف إطباق وجب التحفظ بلفظ الضاد لئلا يسبق اللسان إلى ما هو أخف عليه وهو الإدغام كقوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ﴾
وإذا سكنت الضاد وأتى بعدها حرف من حروف المعجم فلا بدّ من المحافظة على بيانها وإلا بادر اللسان إلى ما هو أخف منها نحو: (أفضتم) و (خضتم) و (واخفض جناحك) و (قيضنا) و(فرضنا) ونحو ذلك.[١٢٣]
وهكذا تناول العلماء كل حرف من حروف الهجاء مبينين خصائصه ومميزاته وكيفية النطق به وما يجب له
سواء كان مبدوء به أو موقوفا عليه وسواء كان مفردا أو اقترن بغيره ولو تتبعنا ذلك لخرجنا عن الاختصار
وإنما ذكر العلماء ذلك وبينوه أوضح بيان لما رأوا من وقوع الطلاب في الخطأ واللحن فيه
قال مكي في الرعاية بعد بيانه للمباحث والأبواب التي عقدها لأحكام التجويد:
كل ما ذكرته لك من هذه الحروف وما نذكره لم أزل أجد الطلبة تزل بهم ألسنتهم إلى ما نبهت عليه وتميل بهم طباعهم إلى الخطأ فيما حذرت منه فبكثرة تتبعي لألفاظ الطلبة بالمشرق والمغرب وقفت على ما حذرت منه، ووصيت به من هذه الألفاظ كلها وأنت تجد ذلك من نفسك وطبعك. [١٢٤]


الصفحة التالية
Icon