وهل مقدار الحركة منضبط أو هو مختلف باختلاف سرعة القارئ وبطئه... الخ
ولست هنا في مقام تتبع الأخطاء والهفوات بل هي وقفة تأمل وإنعام نظر فقد كفانا صاحب المنجد[٦٦] في هذه المسائل شر الانقسام.
وأقول لهؤلاء جميعاً لابد من مراجعة علماء القراءات وما دونوه قديماً وحديثاً فما أشكل عليكم حله وصعب عليكم فهمه فإن لديهم الدواء النافع والبيان الساطع، والحكم القاطع، وكل علم يسأل عنه أهله.
ومن ذلك ما روي عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي في سبحته قاعداً قط حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعداً، ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها»[٦٧].
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها نعتت قراءة رسول الله ﷺ مفسرة حرفاً حرفاً. [٦٨]
قال ابن القيم: وكانت قراءته ترتيلاً لا هذّا ولا عجلة بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً، وكان يقطع قراءته آية آية وكان يمد عند حروف المد فيمد الرحمن ويمد الرحيم. [٦٩]
أقول: لقد تلقت الأمة القرآن الكريم بحروفه وقراءته وكيفية النطق بتلك الحروف والهيئات والصيغ التي جاءت بها على أنها سنة متبعة يجب الحفاظ عليها والالتزام بها وتعليمها كما جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه واتباع هديه في ذلك.
أورد ابن مجاهد بأسانيده جملة من الأحاديث والآثار الدالة على وجوب الاتباع في نقل القراءة وترك الابتداع.
من ذلك ما رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «قال لنا علي بن أبي طالب إن رسول الله ﷺ يأمركم أن تقرءوا كلما علمتم»[٧٠].
وأورد بسنده عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: القراءة سنة[٧١]. وفي رواية أخرى عن خارجة قال: القراءة سنة فاقرءوا كما تجدونه[٧٢].
وبسنده عن عروة بن الزبير قال: إنما القراءة سنة من السنن فاقرءوه كما علمتموه[٧٣]. وفي رواية: فاقرءوه كما أقرئتموه[٧٤].
وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرئ رجلاً فقرأ الرجل ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾[٧٥] مرسلة فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله ﷺ فقال وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [٧٦] فمدها.


الصفحة التالية
Icon