المبحث الثاني: نقده للروايات والحكم عليها.
ليس من منهج ابن حجر أن يورد رواية ثم لا ينقدها، فلا نكاد نجد رواية أوردها في هذا الكتاب إلا وقد حكم عليها تصحيحا أو تضعيفا، وما سكت عنه فلا ينزل عن درجة الحسن. وإن كان هذا في الغالب؛ فإن هناك روايات سكت عنها الحافظ وهي أقل درجة من ذلك.
وقد يورد رواية لنقد ما أورده وبيان نكارته ومخالفته للحديث الصحيح، مثال ذلك في سورة النور قال: "وفي رواية ابن إسحاق وقد انتهى الحديث إلى رسول الله ﷺ وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئا من ذلك قال - أي ابن حجر -: وفيها أنها مرضت بضعا وعشرين ليلة، وهذا فيه رد على ما وقع في مرسل مقاتل بن حيان "أن النبي ﷺ لما بلغه قول أهل الإفك وكان شديد الغيرة قال: "لا تدخل عائشة رحلي"، فخرجت تبكي حتى أتت أباها، فقال: أنا أحق أن أخرجك، فانطلقت تجول لا يؤويها أحد حتى أنزل الله عذرها". قال الحافظ: وإنما ذكرته مع ظهور نكارته لإيراد الحاكم له في الإكليل وتبعه بعض من تأخر غير متأمل، لما فيه من النكارة والمخالفة للحديث الصحيح من عدة أوجه، فهو باطل"١.
ويجدر بي أن أذكر هنا أني وقفت على تضعيف الحافظ لبعض الروايات بضعف بعض الرواة فيها، ولكن عند الرجوع إلى المصدر المقتبس، وجدت أنه لا يوجد في إسناده ذلك الراوي الضعيف، فمن ذلك قوله٢: "وروى أبو يعلى

١ فتح الباري ٨/٤٦٤-٤٦٥.
٢ فتح الباري ٨/٥١٠.


الصفحة التالية
Icon