رواه ابن المبارك في الزهد (١) و أبو عبيد في فضائل القرآن (٢) وابن أبي شيبة وغيرهم (٣). و ثبت أن أبا جمرة الضبعي قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما : إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث. قال :( لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول ). رواه أبو عبيد وغيره (٤). و في الأخبار الثابتة : أن عمر رضي الله عنه قرأ في صلاة الفجر بسورة يوسف والحج قراءة بطيئة. رواه مالك وغيره. (٥) وكان بعض الصالحين من السلف معروفا ببطء القراءة ومن هؤلاء الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : فقد كان يقرأ :( قراءة حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنسانا ) (٦). فهذه الآثار وغيرها تبين معنى الحديث وتدل على استحباب الترتيل.
قال : الإمام محمد بن الحسين الاجري :( والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه، فظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة وأقوال أئمة المسلمين ) اهـ (٧).
والكلام في الترتيل والحدر وبيان ما قاله العلماء في هذه المسألة ليس هذا موضعه. وإنما المقصود بيان على أن الأحاديث والآثار دلت على فضل الترتيل وأنه أفضل من الإسراع في القراءة وهو مذهب معظم السلف والخلف (٨).
فألفاظ الأحاديث يبين بعضها بعضا، وبخاصة مع تجوز الرواة في رواية الأحاديث بالمعنى فمتى ما جُمعت طرق الأحاديث تبين بالنظر فيها علل الأحاديث واتضحت معانيها.

(١) الزهد لابن المبارك : صـ ٤٥٥
(٢) أبو عبيد في فضائل القرآن : صـ ١٥٨
(٣) المصنف لابن أبي شيبة :(١٠ : ٥٢٦ ) وأخلاق حملة القرآن للآجري : رقم ( ٩٠ ) والتمهيد لأبي العلاء الهمذاني :( صـ ١٤٩ – ١٥٠ ).
(٤) فضائل القرآن : صـ ١٥٧ وأخلاق حملة القرآن للآجري : رقم ( ٨٩ ) رواه ابن عليه اسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي جمرة :( و هو نصر بن عمران ) وهو على شرط الشيخين.
(٥) شرح الزرقاني ١ / ٢٤٧ والعلل للإمام أحمد ٢ / ٥٧٨
(٦) حلية الأولياء ٨ / ٨٦ وتهذيب الكمال ٢٣ / ٢٩٢
(٧) أخلاق حملة القرآن للآجري : صـ ٨٠
(٨) ينظر النشر : لابن الجزري ١ / ٢٠٩


الصفحة التالية
Icon