وفي كلام الداني رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك لأنه حكى الوقف على رؤوس الآي عن جماعة من الأئمة السالفين والقراء الماضين (١). وكل هذا يدل على أن أكثرهم لم يره، وهو الذي يدل عليه تصرف علماء الوقف في كتب الوقف والابتداء. (٢)فإنهم يجعلون رؤوس الآي وغيرها في حكم واحد من جهة تعلق ما بعدها بما قبله وعدم تعلقه، ولذا كتبوا ( لا ) فوق الفواصل كما كتبوه فوق غيرها (٣).
ومع أن أكثر القراء إنما يراعون المعاني، فهم يقفون لمراعاتهم المعاني على رؤوس الآي غالبا ؟ لأنهن في الغالب مقاطع ينتهي إليهن المعنى كما تقدم.
ولابد من تقييد القول بأن الوقف على رؤوس الآي سنة بما لا يفسد المعنى ولا يحيله عن وجهه لأنا نعلم أن ذلك مستثنى ضرورة من هذا الإطلاق، فإن من الفواصل ما لا يصح الوقوف عليه لفساد المعنى بذلك وذلك خلاف ما أمر الله به من تدبر القرآن، قال السخاوي رحمه الله :( إلا أن من الفواصل مال لا يحسن الوقف عليه كقوله تعالى :( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين )َ (الماعون٤) لأن المراد فويل للساهين عن صلاتهم، المرائين فيها، فلا يتم المعنى إلا بالوصل وليس الوقف على قوله ( والضحى ) كالوقف على ما جاء في الحديث ) اهـ. (٤) قلت لأن :( وَالضُّحَى ) (الضحى١) رأس آية و تعلقها بما بعدها من أقسامٍ وجوابِ قَسَمٍ قويّ. وأمثال ( والضحى ) من الآيات التي يقوى تعلقها بما بعدها كثير مثل قوله تعالى :(وَالطُّورِ) ( الطور١) و( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ( قّ١)
ولذا فقد جعل علماء الوقف والابتداء الوقف على المواضع التي يشتد تعلقها بما بعدها قبيحا مع كونها رؤوس آي، كقوله تعالى :( فويل للمصلين ) (٥).

(١) المكتفى ص١٤٥
(٢) ينظر : المنح الفكرية للشيخ سلطان القاري الحنفي صـ ٢٥٥ و نهاية القول المفيد في علم التجويد للشيخ مكي بن نصر صـ ٢٠٧.
(٣) منهم السجاوندي وصاحب الخلاصة والجعبري والقمي : ينظر : المنح الفكرية للقاري الحنفي صـ ٢٥٥ والإضاءة في بيان أصول القراءة للشيخ علي محمد الضباع ص ٥٥
(٤) جمال القراء ٥٥٣.
(٥) الماعون -آية- ٤ النشر ١/٢٢٩ و المكتفى ص ١٥١ ومنار الهدى ص١٨ وتنبيه الغافلين ص١٢٩.


الصفحة التالية
Icon