و كقوله تعالى ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون ) (١). فلو وقف القارئ هنا لكان الكلام لا معنى له، لأن الجواب لم يتم فإن اللام بعدها في قوله تعالى :( لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) متعلقة بما قبلها. (٢)
فقد ذكر كثير من علماء الوقف هذه الآيات، ونبهوا على رأس الآية، ومنعوا من الوقف عليها مع كونها رؤوس آي، وممن ذكر ذلك الإمام الداني والعماني و ابن الجزري والأشموني وزكريا الأنصاري وغيرهم (٣). قال في المقصد لتلخيص ما في المرشد :( ويسن للقارئ أن يتعلم الوقوف وأن يقف على أواخر الآي إلا ما كان منها شديد التعلق بما بعده كقوله تعالى :( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) (الحجر١٤) وقوله :( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ٨٢) ) اهـ. (٤)
فمتى اشتد تعلق الآية بما بعدها لم يصح تعمد الوقف عليها حتى وإن كانت رأس آية.
وعلى هذا العمل عند محققي علماء الوقف كما تقدم. وأما استدلال من قال بسنية الوقف مطلقا، بأقوال العلماء القائلين بأن ذلك سنة، فقد تبين مما ذكرته عن كثير ممن اعتمدوا عليه في ذلك كالداني، وابن الجزري، أن هذا الإطلاق مقيد وهذا التعميم مخصوص و قد ظهر أن عملهم على تخصيص هذا العموم، لأنهم عدوا الوقف على مثل ذلك من الآيات قبيحا.
تنبيه : قطع القراءة بكلام أو عمل أو بترك القراءة لا أعلم أحدا من القراء يجيزه على ما يشتد تعلقه من رؤوس الآي بما بعده. و إنما الذي فيه اختلاف من بعض القراء هو الوقف بنية استئناف القراءة. وقد بينت الفرق بين هذه العبارات أول هذه الرسالة.
تنبيه : السكت على رؤوس الآي بقصد البيان مذهب لبعض القراء، وبينه وبين الوقف فرق كما قدمت. و قد حمل بعضهم الحديث الوارد في الوقف على ذلك كما سبق. (٥)

(١) الحجر -آية- ١٤
(٢) المقصد لتلخيص ما في المرشد ص٥
(٣) المكتفى ص ١٥١ والنشر ١/٢٢٩ ومنار الهدى ص١٨ وتنبيه الغافلين ص١٢٩ والمقصد لتلخيص ما في المرشد ص٥
(٤) المقصد لتلخيص ما في المرشد صـ ٥
(٥) ينظر صـ ٤٨ و النشر : ١ / ٢٤٣


الصفحة التالية
Icon