المطلب الثاني : في تفصيل كلام العلماء على الوقف على رؤوس الآيات وبيان الراجح من ذلك.
*تمهيد :
معنى الوقف والسكت والقطع
الوقف، والسكت، والقطع، عبارات يختلف مقصود القراء بها، والصحيح عند المتأخرين التفريق بينها. فالقطع : ترك القراءة رأسا. فإذا قلنا قطع القراءة فمعنى ذلك انتقاله إلى حالة أخرى غير القراءة كترك القراءة بالكلية أو الركوع أو الكلام بغير القرآن. وهذا يستعاذ بعده للقراءة.
والوقف :( قطع الصوت زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة ).
وهو المقصود بهذا البحث وهو المراد في فن الوقف والابتداء. فلا يقصدون بقولهم الوقف هنا : تام أو كاف أو حسن أو قبيح، القطعَ للقراءة بالكلية ولا يقصدون بذلك السكت الذي هو : عبارة عن وقف بلا تنفس، وزمن السكت دون زمن الوقف عادة فهو :(قطع الصوت زمنا يسيرا، ومقداره حركتان من غير تنفس، بنية العود إلى القراءة في الحال ). (١)
وفي الشاطبية :
وسَكْتُهُمُ المختارُ دون تنفُّس ** وبَعضُهُم في الأربعِ الزُّهْرِ بَسْمَلا (٢)
قال الإمام أبو شامة المقدسي :( الإشارة بقولهم " دون تنفس " إلى عدم الإطالة المؤذنة بالإعراض عن القراءة ). (٣) وقد يكون السكت في وسط الكلمة كالسكت على :( شيء ) في قراءة حمزة. ويكون في آخر الكلمة نحو السكت على :( عِوَجا قَيِّما ) (٤) و ( بل ران على قلوبهم ) ( سورة المطففين ١٤ ) و ( من بعثنا من مرقدنا ) ( يس ٥٢ ) في قراءة حفص. قال الشاطبي :
وسكتتةُ حفصٍ دون قطعٍ لطيفةٌ | على ألف التنوين في عِوَجا بَلا |
(٢) الشاطبية باب البسملة و إبراز المعاني من حرز الأماني لأبي شامة ص ٦٦
(٣) إبراز المعاني ص٦٧ و من فسر قوله : دون تنفس : بأنه من غير قطع : كصاحب التيسير أعني الداني و صاحب سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي - وهو علي ابن القاصح – شرح الشاطبية ص ٢٩ – أقول مقصودهم بذلك : من غير قطع للنَّفَس. كما أوضحه أبوشامة إبراز المعاني صـ ٥٦٦. و هذا التوجيه أولى من قول القاضي الشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله في شرحه على الشاطبية :( معناه دون قطع طويل ولا بد من تقييده بهذا و إلا فالسكت فيه قطع الصوت حتما وإن كان قليلا ) اهـ : الوافي في شرح الشاطبية: صـ ٣١١.
(٤) سورة الكهف ( ١ – ١٢ ).