و بما أنزل مده المنفصل لانفصال سببه عن شرطه جائز لاختلاف الاقراء في مده وقصره، و أولئك مده متصل واجب لإجماع القراء على مده، والقصر في المنفصل عبارة عن تحقيق النطق بحرف المد دون زيادة عليه، وقدر بألف واحدة ويعبر عنه بالطبيعي، والمد هو الزيادة على ما ذكر، والقراء متفاوتون بالمد على حسب مذاهبهم في التحقيق والترتيل والحدر، فأطولهم مدا ورش وحمزة، وقدر بثلاث ألفات ودونهما عاصم وقدر بألفين ونصف ثم ابن عامر والكسائي وخلف وقدر بألفين، ثم ابن كثير والبصريان وأبو جعفر وقدر بألف ونصف، فهي أربع مراتب ذكر في التيسير وغيره، ومشى عليها كثير من القراء والمقرئين، وبعضهم لا يرى في المد إلا مرتبتين طولى لورش وحمزة وقدرها ثلاث ألفات ووسطى وقدرها ألفان سواء ذلك في المتصل و المنفصل وهو اختيار الشاطبي رحمه الله تعالى، ( إن قلت ) من أين تأخذ للشاطبي بذلك مع أنه أهمل في القصيدة ذكر تفاوت المد ولم ينبه عليه، والمرتبتان خلاف التيسير، قلت من السماع الصحيح المتلقى بالسند فقد نقل الجعبري عن السخاوي أن الشاطبي كان يقرئ برتبتين طولى ووسطى فقط، وأنه عدل عن المراتب الأربع لأنها لا تتحقق ولا يمكن الإتيان بها كل مرة على قدر السابقة بخلاف المرتبتين فإنهما تتحققان ويمكن ضبطهما وتتيسران على النبيه والغبي، أما كونهما خلاف التيسير فهذا لا يضر لأنه خلاف إلى أقوى، على أن المحقق انتصر لهما وعزاهما إلى كثير من أئمة المحققين، قال في نشره : وهو الذي استقر عليه رأي المحققين من أئمتنا قديما وحديثا وذكر كثيرين منهم : ابن مجاهد والطرسوسي وغيرهما وقال عنهم أنهم لم يذكروا من سوى القصر غير مرتبتين طولى ووسطى، وقال : وهو الذي أميل إليه وآخذ به غالبا وأعول عليه انتهى.
بقي كيفية التحرير بين المتصل والمنفصل حين اجتماعهما من أربع مراتب وهاكه موضحا :


الصفحة التالية
Icon