ذهب ابن مجاهد رحمه الله هنا إلى تغليط قراءة ابن عامر بناءً منه على أنَّ الهاء في ﴿ اقتده ﴾ على هذه القراءة هي ((هاء سكت))، وهذا الذي ذهب إليه تبعه فيه ابن خالويه(١) وغيره.
والصواب الذي يظهر من كلام العلماء أنَّ الهاء على هذه القراءة ليست ((هاء السكت)) وإنَّما هي هاء كناية عن مصدر.
قال أبو علي الفارسي رحمه الله: وقراءة ابن عامر بكسر الدال وإشمام الهاء الكسرة من غير بلوغ ياء ليس بغلط، ووجهها أن تجعل الهاء كناية عن المصدر لا التي تلحق للوقف، ومنه قول الشاعر(٢):

هذا سُراقةُ للقرآن يَدْرُسُه والمرءُ عند الرَّشا إِنْ يَلْقَها ذِيبُ
فالهاء كناية عن المصدر، ودل يدرس على الدرس، قال: ولا يجوز أن يكون الضمير لـ((القرآن)) لأنَّ الفعل قد تَعدَّى إليه باللاَّم، فلا يجوز أن يتعدى إليه وإلى ضميره. اهـ(٣)
وقال أبو عمرو الداني رحمه الله: هذه الهاء في قراءة ابن عامر كناية عن مصدر محذوف ثابت عنه، والتقدير: اقتدِ الاقتداء، وهي في قراءة الباقين هاء سكت واستراحة. اهـ(٤)
وقال الإمام أبو حيان الأندلسي: وتغليط ابن مجاهد قراءة الكسر غلط منه وتأويلها على أنَّها هاء السكت ضعيف. اهـ والله أعلم.
١٠- قوله تعالى: ﴿ - (( - (- رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله ﴾ [الأعراف: ١٠].
قال ابن مجاهد رحمه الله: روى خارجة(٥) عن نافع ﴿ معائش ﴾ ممدودة مهموزة، وهذا غلط. اهـ
هذه القراءة المنسوبة إلى نافع رحمه الله قراءة شاذّة لا يقرأ بها، ويظهر ـ والله أعلم ـ أنًَّ ابن مجاهد غلطها من جهتين:
(١) - انظر: إعراب القراءات السبع: ١/١٦٤.
(٢) - لا يُعرف.
(٣) - الحجة للفارسي: ٣/٣٥٢-٣٥٣، وانظر: إبراز المعاني: ٢/١٣١.
(٤) - جامع البيان: ٢/ق ٥٦/أ، وانظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع: ١/٤٣٩.
(٥) - ابن مصعب، أخذ عن نافع وأبي عمرو، وله شذوذ كثير عنهما لم يتابع عليه (ت: ١٦٨هـ). غاية النهاية: ١/٢٦٨.


الصفحة التالية
Icon