هذا وقد استوقفني أثناء مطالعتي ورجوعي في رسالَتَيّ العلميتين ((الماجستير والدكتوراه)) إلى كتابه "السبعة" موقف ابن مجاهد من بعض القراءات.
وأقول: ما بين حالة الإعجاب والتقدير لابن مجاهد وكتابه "السبعة"من جهة، وبين حالة الاستغراب من موقفه من بعض القراءات المتواترة ((والطعن فيها)) من جهة أخرى، كتبت هذا البحث محاولاً فيه تسليط الضوء على تلك القراءات الذي ظهر لي بكلّ وضوح تأثر ابن مجاهد رحمه الله فيها ببعض النحويين واللغويين في عصره، أو بشكل آخر تأثره بعلم النحو وغلبته على تفكيره أثناء تأليفه "السبعة"؛ إذ معلوم أنَّ كلّ من يتعمّق في دراسة علم ما، ويصل فيه إلى درجة معينة لا بد وأن يبقى أثر ذلك العلم عليه، وهذا نلاحظه واضح العيان في علم التفسير إذ كلّ مؤلِّف تطغى عليه صبغة علمه المتخصص فيه.
وهناك سبب آخر مهمّ جداً دفعني إلى كتابة هذا البحث وهو ((الدفاع عن القراءات)) وذلك حتى لا يغترّ كثيرٌ من أهل النحو واللغة الطاعنين في القراءات بصنيع ابن مجاهد فيقولون: هذا ابن مجاهد وهو إمام من أئمة القراءات وضليع فيها وله فيها المرتبة العالية من حيث الرواية، قد طعن في بعض القراءات وحكم عليها بـ ((الغلط)) و((الوهم)) و((الضعف)) فكيف تنكرون على النحويين واللغويين ذلك؟
ويقال لهؤلاء ومَن شاكلهم ورأى رأيهم وقال بقولهم: هذه الحجة ـ بل الشبهة ـ أوهى من بيت العنكبوت؛ لأنَّ قبول القراءة وتواترها وصحتها ليس لأنَّ العالم الفلاني رضيها وقَبِلها، فتضعف إذا ضعفها وتقبل إذا قبلها، لا، وإنَّما المعوّل عليه هو التواتر فإذا حصل وثبت فلا التفات بعد ذلك إلى كلام أحد.
والله تعالى من وراء القصد
التمهيد: وفيه:
أوَّلاً: التعريف بابن مجاهد باختصار:
اسمه: أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي.
كنيته: أبو بكر.
لقبه: الأستاذ، شيخ الصنعة، أول من سبّع السبعة.