قال ابن مجاهد رحمه الله: قرأ ابن كثير فيما قرأت على قنبل: ﴿ أن رَأَه ﴾ بغير ألف بعد الهمزة، وزن ((رَعَه)) وهو غلط؛ لأنَّ ((رءاه)) مثل ((رعاه)) ممالاً وغير ممال. اهـ(١)
هذه القراءة المنسوبة إلى ابن كثير رحمه الله من رواية قنبل قراءة صحيحة متواترة عن النبي - ﷺ -، ولم يلتفت العلماء إلى تغليط ابن مجاهد لها.
قال الإمام السخاوي رحمه الله: ما كان ينبغي لابن مجاهد إذا جاءت القراءة ثابتة عن إمام من طريق لا يشك فيه أن يردّها؛ لأنَّ وجهها لم يظهر له. اهـ (٢)
وقال ابن خالويه رحمه الله بعد أن ذكر لها وجهاً: فهذا أشبه بقراءة الأئمة من أن يُغلّط لأنَّ القراءة والأئمة يختار لهم أو يحتج لهم لا عليهم. اهـ(٣)
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: رأيت أشياخنا يأخذون ما ثبت عن قنبل من القصر، خلاف ما اختاره ابن مجاهد. اهـ(٤)
وقال الشيخ السمين رحمه الله: ولما روى ابن مجاهد هذه القراءة عن قنبل وقال: ((قرأت بها عليه)) نسبه فيها إلى الغلط، ولا ينبغي ذلك؛ لأنَّه إذا ثبتت قراءةٌ لها وجهٌ وإن كان غيره أشهر منه فلا ينبغي أن يقدم على تغليطه. اهـ(٥)
هذا وقد دافع أبو شامة رحمه الله عن ابن مجاهد بقوله: لعل ابن مجاهد رحمه الله إنَّما نسب هذا الغلط لأخذه إياه عن قنبل في زمن اختلاطه، مع ما رأى من ضعف هذا الحذف في العربية. اهـ(٦)
أمَّا من حيث اللغة والعربية فهذه القراءة ليست غلطاً بل لها وجه، وهو أنَّ حذف الألف هنا جاء مثله في كلام العرب كقولهم: أصاب الناسَ جَهد ولو تَرَ أهل مكة، بحذف لام ((ترى)) ومنه قول الشاعر(٧):
وصَّاني العجّاج فيما وصَّني
(٢) - فتح الوصيد: ٤/١٣٢٤.
(٣) - إعراب القراءات السبع: ٢/٥٠٨.
(٤) - انظر: إبراز المعاني: ٤/٢٦٤.
(٥) - الدر المصون: ١١/٥٨.
(٦) - إبراز المعاني: ٤/٢٦٤.
(٧) - هو رؤبة. كما في ملحقات ديوانه: ١٨٧.