وقول ابن مجاهد رحمه الله: ((خطأ في العربية)) لم يسلم به العلماء، بل خالفوه فيه، والصواب ـ والله اعلم ـ معهم، حيث إنَّ هذه القراءة مع شذوذها رواية لها وجه في العربية، وهو: أنَّه أتبع كسر الهاء كسرة الباء قبلها، ولم يعتد بالهمزة لأنَّها ساكنة، والساكن ليس بالحاجز الحصين عندهم، فكأنَّه لا همزة هناك أصلاً، وكأنَّ كسرة الباء على هذا مجاورة للهاء، وهذا الوجه معروف في العربية، يقولون: منهِ، ومنهِما ومنهِمي، ولم أعرِفِه، ولم أضرِبِه، ومنكِم وبكِم.(١)
والعجب أنَّ الإمام ابن خالويه(٢) مع مكانته في العربية قد غاب عنه هذا الوجه وتبع شيخه ابن مجاهد في تخطئة هذه القراءة حيث قال: هي غلط لأنَّ الهاء إنَّما تكسر إذا تقدّمتها كسرة أو ياء. اهـ(٣)
وكذلك إمام اللغة أبو منصور الأزهري(٤) حيث قال: غير جائز عند أهل العربية(٥).
قال ابن جني(٦) رحمه الله بعد أن بيّن وجه هذه القراءة وأنَّها جاءت على سَنَن العربية: فقد علمت أنَ قول ابن مجاهد رحمه الله لا وجه له، ورحم الله أبا بكر ـ يعني ابن مجاهد ـ فإنَّه لم يأل فيما علمه نصحاً، ولا يلزمه أن يُرِي غيره ما لم يُرِه الله تعالى إياه، وسبحان قاسم الأرزاق بين عباده. اهـ(٧)
(٢) - الحسين بن أحمد، إمام النحو واللغة في عصره (ت: ٣٧٠هـ). بغية الوعاة: ١/٥٢٩.
(٣) - إعراب القراءات السبع وعللها: ١/٨٢.
(٤) - محمد بن أحمد، من كبار مدوني لغة العرب وصاحب كتاب "تهذيب اللغة" (٢٨٠-٣٧٠هـ) بغية الوعاة: ١/١٩.
(٥) - علل القراءات: ١/٤٤.
(٦) - عثمان بن جني، أبو الفتح، إمام التصريف في زمانه (٣٢٢-٣٩٢هـ). إنباه الرواة: ٢/٣٣٥-٣٣٦.
(٧) - المحتسب: ١/٧١.