وزعم آخر أنه "رأى الطلبة مناما يقرأون القرآن جماعة برواية ورش بين يدي الله تعالى في الجنة"(١).
وحسبك بهذا الغلو والهوس دليلا على مقدار انبهار بعض المغاربة بهذه الرواية إلى حد التعصب لها. ولكنك أنت بعيدا عن هذا الغلو والتعصب تستطيع أن تكتشف أثر هذه الرواية على المغاربة بصفة عامة علمائهم وعامتهم، فأنت لا تخطئ أثرا من قراءة نافع في كتابات التونسيين ومحاضراتهم وهم يذكرون النبي ﷺ بلفظ "النبيء" بالهمز كما هي قراءة نافع(٢).

(١) - كتب هذا الهراء الشيخ المعروف بالحاج الحسن بن محمد بن أبي جمعة البعقيلي الولتيتي السوسي نزيل الدار البيضاء في رسالة له بعنوان "إتحاف القراء المتحزبين"، وهي رسالة واسعة الانتشار في أيدي أتباع الطريقة التيجانية كتبها في أوائل جمادى الأولى عام ١٣٦٤هـ وأسلوبها مهلهل أقرب إلى كلام العوام.
ومما جاء فيها قوله: "فحفاظ كتاب الله يدخلون الجنة متحزبين تلاوة معلومة برواية ورش، وذلك كشفنا ووجداننا" ص ٥٦.
(٢) - من أمثلة ذلك بعض الدروس التي كان يلقيها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور بالمجالس الحسنية بالرباط.

١- أبو بكر عتيق بن أحمد بن إسحاق التميمي القصري(١)
مقرئ امام من أعلام أصحاب أبي عبد الله بن سفيان ـ صاحب الهادي ـ(٢)، ترجم له الدباغ في معالم الايمان، وذكر انه كان اماما بجامع القيروان، وانه قرأ على ابن سفيان المذكور، وأنه كان يقرئ القرآن من سدس الليل الآخر إلى وقت الضحى، ومن العصر إلى الليل، توفي بالقيروان سنة ٤٤٧"(٣).
وقد اشترك الحصري في الأخذ عن القصري المذكور مع أحد أقطاب المدرسة القيروانية وهو أبو علي بن بليمة صاحب "تلخيص العبارات" فقرأ عليه عن قراءته على محمد بن سفيان"(٤).
ويستفاد من قوله الآنف الذكر في الرائية أنه قرأ عليه القراءات السبع، وختم عليه بها تسعين ختمة فكلما ختم ختمة قرأ غيرها، حتى أكمل ذلك في مدة عشر سنين"(٥).
وبذلك يعتبر القصري أهم أساتذته وأعظمهم أثرا في حياته، لأنه إلى جانب شهادته له بتمام الأهلية في الفن والتقدم فيه على أهل عصره، أقعده مقعد المشيخة ورشحه لتولي كرسي الإقراء بالمسجد الجامع بالقيروان، وتلك مزية للتلميذ وحفاوة من شيخه به من شأنها أن تنبه على جليل قدره، وأن تصله بطلبة هذا الشأن من أهل المنطقة والواردين عليها.
٢- أبو علي الجلولي حسن بن حسن بن حمدون الجلولي نسبة إلى جلولاء(٦)
هكذا جاء نسبه في المعالم(٧).
(١) - تحرفت "القصري" إلى "المصري" بالميم في شجرة النور ١١٨ طبقة ١٠ ترجمة ٣٣٠ كما سقط فيه لفظ "بكر".
(٢) - تقدم ذكره في أصحابه.
(٣) - معالم الايمان للدباغ ٣/١٨٠.
(٤) - غاية النهاية ٢/١٨٥ ت ٨٥٨.
(٥) - النشر في القراءات العشر لابن الجزري ٢/١٩٤.
(٦) - نسبة إلى مدينة تبعد عن القيروان بأربعة وعشرين ميلا كانت مشهورة بكثرة الورود يضرب بها المثل في ذلك ـ المؤنس في أخبار أفريقية وتونس لأبي عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعيني المعروف بابن أبي دينار: ٢٨ تحقيق محمد شمام نشر المكتبة العتيقة بتونس الطبعة ٢/١٩٦٧م.
(٧) - ٣/١٨٦.


الصفحة التالية
Icon