ومن دلالة هذا الخبر نستفيد أن البهلول كان يقرأ بقراءة خاصة كانت تؤخذ عنه، ويعرضها عليه أصحابه وذلك معنى قوله: "وهؤلاء القراء إن أتوني سمعت قراءتهم" فهو سماع عرض على سبيل الإجازة للقارئ ولهذا أراد السائل التثبت منه كما يدل على ذلك قوله للشيخ: "أشيء رويته عن السلف فنرويه عنك؟" إلا أن هذه الحال ربما كانت قبل رحلة البهلول إلى المشرق حيث اتسعت روايته وغدا معدودا في أعلام رواة العلم بافريقية، فقد رحل إلى العراق كما رحل إلى الحجاز، وسمع من مالك والليث بن سعد وسفيان الثوري وغيرهم(١). وسمع منه سحنون وعون بن يوسف وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وتوفي سنة ١٨٣"(٢).
٣- علي بن زياد
ومنهم أبو الحسن علي بن زياد العبسي التونسي، ولد بطرابلس وانتقل إلى تونس فسكنها، سمع العلم بافريقية من خالد بن أبي عمران وغيره، ورحل إلى المشرق فسمع من مالك وسفيان الثوري والليث بن سعد وابن لهيعة(٣)وغيرهم، ولم يكن في عصره بافريقية مثله"(٤).
قال أبو سعيد بن يونس:
"هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان إلى المغرب، وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه، وكان قد دخل الحجاز والعراق في طلب العلم، وهو معلم سحنون الفقه"(٥).
(٢) - ترجمته في الرياض ١/٢١٤ - ترجمة ٨٦ وترتيب المدارك ٨٧-٩٨- وشجرة النور ٦٠ طبقة ٦.
(٣) - هو عبد الله بن لهيعة المصري سيأتي.
(٤) - شجرة النورالزكية لابن مخلوف ٦٠ الطبقة ٥ ترجمة ٣٣.
(٥) - نقله عياض في ترتيب المدارك ٣/٨٠.
تلك هي قصيدته "ناظمة الزهر، وهي منشورة بعناية الشيخ علي بن محمد الضباع المصري ـ رحمه الله ـ في مجموع "إتحاف البررة بالمتون العشرة"(١).
شروحها والاهتمام بها:
ولقد لقيت القصيدة من العناية ما يناسب موضوعها المختص، وعني بها غير واحد من المتاخرين شرحا وبسطا، ونظم بعضهم على منوالها محتذيا أو معارضا.
ـ فممن نظم على منوالها الإمام برهان الدين الجعبري، وذلك في قصيدته "حديقة الزهر في عدد آي السور"(٢)، وهي قصيدة دالية أولها:
بدأت بحمد الله أول مقصدي | وصليت بعده على الطهر أحمد(٣) |
١- أبوعبيد رضوان بن محمد، وعنوان كتابه "الوجيز، في فواصل الكتاب العزيز" (محطوط) (٤).
٢- والحاج عبد الله بن صالح الإمام بجامع أبي أيوب الأنصاري، والمتوفى سنة ١٢٥٢هـ، وعنوان كتابه "لوامع البدر، في بستان ناظمة الزهر"(٥).
(٢) - ذكرها لهالشيخ محمد بن جابر الوادي آشي في برنامج ٤٧ـ٤٨ في جملة مؤلفاته وقال: أجازني إجازة عامة بشروطها عند أهلها".
(٣) - وقفت على قصيدته مخطوطة في مجموع عتيق غير مرقم بخزانة أوقاف آسفي.
(٤) - توجد نسخة مخطوطة من الشرح المذكور في مجلد كتب سنة ١٢١٣هـ، وهي محفوظة بمكتبة بلدية الاسكندرية بمصر تحت رقم ٥٢٥٥ ج حسب كتاب (أعلام الدراسات القرآنية في خمسة عشر قرنا "للدكتور مصطفى الصاوي الجويني، ٢٠٣ الرقم الترتيبي ٦٩. وطبع اخيرا بتحقيق الشيخ عبد الرازق بكلية القرآن السعودية.
(٥) - ذكره البغدادي في إيضاح المكنون (ذيل كشف الظنون) ٢/عمود ٤١٤.