ولا يبعد أن يكون لابن زياد أثر أيضا في التعرف على بعض قراءات الأمصار واجتلابها، لاسيما وقد قرأ على سفيان الثوري أحد أكابر رواة القراءة عن حمزة(١). وقد ذكر من نجباء تلاميذه سحنون والبهلول ابن راشد وأسد بن الفرات وشجرة(٢)، ومات ابن زياد في سنة ١٨٣ هـ، وهي سنة وفاة البهلول(٣).
٤- ابن أبي حسان (٤٠-١٢٦ هـ)
ومن رواد المدارس العراقية من أهل افريقية أبو محمد عبد الله بن أبي حسان اليحصبي من أشراف العرب الداخلين إلى افريقية. رحل إلى الحجاز والعراق فأخذ عن مالك وابن أبي ذئب(٤)وابن عيينة(٥)وغيرهم، وأخذ اللغة عن سيبويه والكسائي، وروى عنه سحنون بن سعيد ومحمد بن وضاح القرطبي وجماعة(٦).

(١) - روى القراءة عرضا عن حمزة وروى عن عاصم والأعمش حروفا. توفي سنة ١٦١ هـ. غاية النهاية ١/٣٠٨ – ترجمة ١٣٥٨.
(٢) - هو شجرة بن عيسى المعافري، ولي قضاء تونس أيام سحنون (١٦٩-٢٦٢ هـ) ترتيب المدارك ٤/١٠١-١٠٢.
(٣) - ترتيب المدارك ٣/٨٤ ورياض النفوس ١/٢٣٤-٢٣٧ ترجمة ٩١.
(٤) - هو عبد الرحمن بن المغيرة القرشي من فقهاء المدينة المعتبرين في زمن مالك، مات بالكوفة سنة ١٥٩ هـ ترجمته في طبقات الفقهاء للشيرازي ٦٧.
(٥) - هو سفيان بن عيينة أبو محمد الهلالي المكي الإمام المحدث (١٠٧-١٩٨) عرض القرآن على حميد بن قيس المكي وعبد الله بن كثير. ترجم له ابن الجزري في غاية النهاية. ١/٣٠٨ ترجمة ١٣٥٨.
(٦) - ترتيب المدارك ٣/٣١٠-٣١٥ وشجرة النور ٦٣ الطبقة ٥ ترجمة ٤١.

٣ـ والشيخ علي بن محمد بن حسن بن إبراهيم المصري المعروف بالضباع رئيس مشيخة عموم المقارئ والإقراء بمصر وعنوان شرحه "قطف الزهر، من ناظمة الزهر، في علم الفواصل" (مخطوط) (١).
٤- والشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي المصري، وعنوان شرحه "بشير اليسر، في شرح ناظمة الزهر، في علم الفواصل"(٢).
٥- والشيخ عبد الفتاح القاضي رئيس لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر ومدرس علم القراءات، وصاحب "الوافي في شرح الشاطبية ـ كما سيأتي ـ، وقد ذكر فيه أن له علة ناظمة الزهر شرحا وجيزا نافعا"(٣)، ولم يذكر له عنوانا، كما لم يشر إلى أنه طبع.
هذه هي الشروح التي وفقت على ذكرها، وجميعها كما هو ملاحظ مشرقية، ولم أقف على شرح لها لأحد من المغاربة.
٢- -قصيدته الرائية: "عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد":
وهي ثاني قصائده شهرة بعد قصيدة الحرز، وتعرف أيضا بـ"الشاطبية الصغرى" تمييزا لها عن الكبرى. وأبياتها مائتان وثمانية وتشعون بيتا من بحر "البسيط"، وتزيد على ناظمة الزهر ببيت واحد.
ولعلها نظمت بعد حرز الاماني وناظمة الزهر، وقد علل أبو بكر بن عبد الغني اللبيب لوجه تسميتها بـ"عقيلة الأتراب" بقوله: "وكان الشاطبي ـ رحمه الله ـ تظم جملة قصائد في فنون كثيرة، فجعل هذه القصيدة عقيلتهن، لأجل أنها تضمنت رسم الكتاب العزيز"(٤).
وقد نظم فيها كتاب "المفنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار" للحافظ أبي عمرو الداني، وزاد عليه زيادات يسيرة من كتبه وكتب غيره(٥).
(١) - مخطوط ذكره له الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي في كتابه "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" ص ٢٩٠.
(٢) - ذكره المؤلف لنفسه في قائمة كتبه في آخر "هداية القارئ" ص ٦٧٠.
(٣) - مقدمة كتاب الوافي ص٤.
(٤) - الدرة الصقيلة في شرح العقيلة للبيب وستأتي في شروحها.
(٥) - ستأتي الإشارة إلى ذلك من كلام الناظم.


الصفحة التالية
Icon