ومن هذا الرعيل ممن شدوا الرحال في طلب العلم إلى العراق أسد بن الفرات بن سنان القاضي الفقيه، قدم أبوه افريقية به سنة ١٤٤ هـ، وتعلم بالقيروان، وكان بعد ذلك يعلم القرآن في بعض القرى(١)، ثم أخذ يختلف إلى علي بن زياد بتونس، ولزمه حتى تعلم منه، وتفقه بفقهه، ثم رحل إلى المشرق فسمع من مالك بن أنس موطأ وغيره، ثم ذهب إلى العراق، فلقي أبا يوسف(٢)ومحمد بن الحسن(٣)وأسد بن عمرو(٤)وكتب عن يحيى بن أبي زائدة(٥)وهشيم(٦)وأبي بكر بن عياش(٧)وغيرهم، وأخذ عنه أبو يوسف موطأ مالك"(٨).

(١) - تقدم أنه كان يعلم في كتاب بوادي بجردة بتونس، ينظر ترتيب المدارك ٣/٣٩١ ورياض النفوس ١/٢٥٤.
(٢) - هو يعقوب بن إبراهيم قاضي قضاة بغداد في زمن الرشيد (ت ١٨٢ هـ). طبقات ابن سعد ٧/٣٣٠-٣٣١. وطبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي ١٣٤.
(٣) - من أصحاب أبي حنيفة تفقه عليه وعلى صاحبه أبي يوسف القاضي (ت ١٨٧ هـ). طبقات الشيرازي ١٣٥.
(٤) - أسد بن عمرو بن عامر البجلي الكوفي من أصحاب أبي حنيفة (ت ١٩٠ هـ). لسان الميزان لابن حجر١/٣٨٣.
(٥) - هو يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة الكوفي الحافظ (ت ١٨٣ هـ). خلاصة التهذيب للخزرجي ٤٢٣.
(٦) - هشيم بن بشير الواسطي نزيل بغداد توفي بها في شعبان سنة ١٨٣ هـ. طبقات ابن سعد ٧/٣٢٥.
(٧) - هو شعبة بن عياش أحد الرواة المشهورين في قراءة عاصم، تقدم التعريف به.
(٨) - ترتيب المدارك ٣/٢٩١.

وقيل مكة والبحرين مع يمن ضاعت بها نسخ في نشرها قطرا(١)
ثم انتقل بعد أبيات إلى بيان مصدر الحلاف في مباحث الرسم فقال:
وبين نافعهم في رسمهم وأبي عبيد(٢) الخلف في بعض الذي أثرا
ولا تعارض مع حسن الظنون فطب صدرا رحيبا بما عن كلهم صدرا
وهاك نظم الذي في مقنع عن أبي عمرو وفيه زيادات فطب عمرا
ثم قال شارعا في الغرض... :"ّباب الإثبات والحذف وغيرهما مرتبا على السور، من البقرة إلى الأعراف":
بالصاد كل صراط والصراط وقل بالحذف مالك يوم الدين مقتصرا
واحذفهما بعد في ادارأتم ومسا كين هنا ومعا يخادعون جرى
وقاتلوهم وأفعال القتال بها ثلاثة قبله تبدو لمن نظرا
هنا، ويبصط مع مصيطر وكذا المصيطرون بصاد مبدل سطرا
وفي الامام "اهبطوا مصرا" به ألف وقل "وميكال" فيها حذفها ظهرا
ونافع حيث "واعدنا"خطيئته" و"الصعقة" "الريح" تفدوهم" هنا اعتبرا
معا "دفاع"رهان" مع "مضاعفة" و"عاهدوا" وهنا "تشابه" اختصرا
وهكذا ساق الحذف في جميع القرآن سواء كان المحذوف ألفا أو واوا أو ياء أو نونا أو غير ذلك(٣) وربما وقف على بعض المستثنيات من ذلك ونبه على بعض الخلاف كقوله:
والأعجمي ذو الاستعمال خص وقل طالوت جالوت بالإثبات مغتفرا
ياجوج ماجوج في هاروت تثبت مع ماروت قارون مع هامان مشتهرا
وكل جمع كثير الدور كالكلمات البينات، ونحو الصالحين ذرا
سوى المشدد والمهموز فاختلفا عند العراق، وفي التأنيث قد كثرا
وما به ألفان عنهم حذفا كالصالحات وعن جل الرسوم سرى
ثم بعد تمام أمثلة الحذف والإثبات انتقل إلى الحديث عن بعض ما زيد في الرسم، ومن ذلك قوله:
(١) - يمكن الرجوع إلى أصل هذا في المقنع لأبي عمرو الداني ص٩.
(٢) - هو القاسم بن سلام المروزي ثم البغدادي (ت ٢٢٤) تقدم.
(٣) - مثل حذف النون في "فننجي من نشاء" و"ننجي المومنين". وحذف الهاء في بعض المصاحف من "وما عملته أيديهم" وكذلك "ما تشتهيه الأنفس".


الصفحة التالية
Icon