فقد دخلها جماعة منهم عبد الله بن المغيرة الكوفي الذي "سمع من سفيان ومن كبار الكوفيين"(١)ودخلها أبو سليمان النحوي صاحب محمد بن يحيى المعروف بالكسائي الصغير(٢)الذي ناظره محمد بن سحنون(٣). هذا بالإضافة إلى جماعة كبيرة من علماء العصر بها ممن كانوا ينتسبون لأهل العراق نسبا أو مذهبا، أذكر منهم الشخصيات التالية:
- محمد بن زرزور الفقيه الفارسي "وكان على مذهب أبي حنيفة، وكان حافظا لبيبا (ت٢٩١ هـ)(٤).
- محمد بن المنيب الأزدي الفقيه وكان يذهب مذهب أهل العراق، عرض عليه القضاء فلم يقبله (ت ٢٩٣ هـ)(٥).
- وأبو عقال بن خير الفقيه، وكان يذهب مذهب أهل العراق، وكتب للقاضي ابن عبدون في أيامه (ت ٢٩٦ هـ)(٦).
- ومحمد بن محمد بن الفرج البغدادي مولى بني هاشم، وكانت له عناية وطلب (ت ٢٩٠ هـ)(٧).
- وزيدان بن إسماعيل الأزدي.. وكان من الثقات في العلم (ت ٢٩٣ هـ)(٨).
- ومحمد بن أبي الهيثم اللؤلؤي الفقيه (ت ٢٩٤ هـ)(٩).
- وسليمان بن حفص الفراء، وكان جهميا يقول بخلق القرآن ويدعو إليه الناس، (ت ٢٩٦ هـ)(١٠).
- وأحمد بن محمد بن سيرين الفقيه بمذهب أهل العراق، ولي قضاء برقة للعبيديين(١١).
- ومحمد الكلاعي وكان هو وأصحابه على مذهب أهل العراق، وكانوا يعادون حملة الفقه المالكي ويسعون بهم(١٢).

(١) - طبقات علماء افريقية لأبي العرب ١٦١-١٦٢.
(٢) - من كبار أساتذة ابن مجاهد البغدادي (١٨٩-٢٨٨). ترجمته في غاية النهاية ٢/٣٥٣٥.
(٣) - رياض النفوس ١/٤٤٩.
(٤) - البيان المغرب١/٣٦.
(٥) - نفسه ١/١٤٢ ورياض النفوس ١/٤٦٣ ترجمة ١٥٠.
(٦) - ترجمة ابن عبدون في البيان المغرب ١/١٢١ وكذا ١/١٢١.
(٧) - البيان المغرب ١/١٣٦.
(٨) - نفسه ١/١٤٢.
(٩) - نفسه ١/١٤٤.
(١٠) - نفسه ١/١١٩.
(١١) - ١/١٥٣.
(١٢) -١/١٥٤-١٥٥

قال مؤلف كتاب العمر بعد أن ذكر ما تقدم: "لم نقف على ترجمته، وإنما استفدنا شيئا من أخباره في نفس تأليفه الآتي ـ يعني الدرة الصقيلة ـ نعلم أنه سافر إلى مصر والشام، وتعرف بأعيان من العلماء، حكى عن نفسه قال: دخلت في جامع بني امية بدمشق موضعا يقال له "مسجد علي بن أبي طالب فرأيت فيه مصحفا بخط كوفي يقال إنه بخط يد علي رضي الله عنه، والذي يظهر لي أنه كان يعيش في آخر القرن الثامن إلى أوائل التاسع"(١).
قلت: ما ذكره كاتب الترجمة كله مستفاد من كتابه "الدرة الصقيلة"، وقد رأيته اغفل إشارة مهمة فيه ذكرها اللبيب تساعد على تحديد زمن حياته، فقد قال في معرض الحديث عن حذف بعض الألفات من الرسم عند ذكر حذف "وله المنشآت": "ورأيت في تلمسان عند شيخي أبي عبد الله بن خميس ـ رحمه الله ـ كتاب الدر النظيم في رسم حروف القرآن العظيم... وذكر رسم "يحيى من حيي عن بينة" الخ.
فهذا القول يفيدنا أنه درس غالبا أيضا بتلمسان، كما يفيدنا انه قرأ على هذا الشيخ، ونستفيد مما جاء في ترجمة الشيخ المذكور وهو أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد الحجري الرعيني التلمساني (٦٢٥ـ٧٠٨) (٢) ومن قوله عنه ـ"رحمه الله"ـ انه كتب شرحه بعد وفاة هذا الشيخ، ولما كان قد كتبه وهو ـ كما سيأتي ـ شيخ كبير، فالراجح أنه كتبه حول سنة ٧٢٠ أو بعدها، ونستفيد أيضا من اعتماد أبي محمد بن أجطا عليه في بعض النقول ـ أعني في بيان عدد كتب أبي عمرو الداني فيما نقلناه عنه آنفا في ترجمته ـ على أنه عند فراغ ابن أجطا من كتابه سنة ٧٤٤ كان كتابه من الشهرة بحيث وصل إليه وكان من مصادره(٣).
(١) - كتاب العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين ١/١٦٩ مراجعة محمد العروسي المطوي وبشير البكوش.
(٢) - مصادر ترجمته في معجم أعلام الجزائر لعادل نويهض ١٧٠ـ١٧١.
(٣) - ذكر ابن أجطا هذا التحديد في آخر شرحه.


الصفحة التالية
Icon