ذلك ما يتعلق بقراءة حمزة في افريقية انطلاقا من شيوع الأخذ بمذاهب العراقيين السائدة في الكوفة، فهل كان لمذاهب العراقيين في البصرة مثل ذلك بحكم المنافسة التي كانت معروفة بين المصرين؟.
أثر المدرسة البصرية:
لا نستبعد أن يكون لها نصيب من التأثير، إلا أنه ليس في قوة الأثر الذي للكوفة وعلمائها، وربما كان بعض ذلك راجعا إلى ميل الدراسات في البصرة إلى نوع من التخصص في مباحث النحو واللغة والرواية الأدبية، ومع هذا فقد وصل إلى افريقية شيء من التأثير العلمي في مجال القراءة يمكن ملاحظته من خلال النظر في مستويات الأعلام الذين دخلوها من مدينة البصرة ونشروا فيها مذاهبهم وتركوا آثارهم ماثلة في بعض ما خلفوا من أعمال. ومن أولئك الأعلام نذكر على سبيل المثال:
١- يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة أبو زكرياء التيمي البصري الإمام المفسر (١٢٤-٢٠٠ هـ)
كان يحيى أحد أعلام رواة العلم بالبصرة، وكان يقول: "أحصيت بقلبي من لقيت من العلماء فعددت ثلاثمائة وثلاثة وستين عالما سوى التابعين وهم أربعة وعشرون، وامرأة تحدث عن عائشة رضي الله عنها"(١).
ثم قلت لهم ـ: "قد شرحها الفقيه علم الدين السخاوي ـ رحمه الله ـ وكان قد قرأها على ناظمها الشيخ أبي القاسم الشاطبي، وسمعها منه مرارا، وليس الخبر كالعيان، مع أن السخاوي ـ رحمه الله ـ كان حافظا، فأين أنا منه؟:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس(١).
ثم إني ضربت صفحا عن رغبتهم، وأعرضت دهرا عن طلبتهم، مخافة مما قال بعض الحكماء: "من ألف فقد استهدف... ثم انتقل إلى ذكر مصادره فقال:
"واعلم أني طالعت على هذا الشرح ثلاثين تأليفا، منها عشرة في الرسم: المقنع والمحكم والتحبير لأبي عمرو الداني، والتبيين لأبي داود، والمحبر لابن أشته وكتاب علم المصاحف له وبعض هجاء السنة للغازي بن قيس الأندلسي، والدر المنظوم في معرفة المرسوم لعطاء بن يسار الأندلسي(٢) ودرة اللاقط لحكم الناقط(٣)، وسبل المعارف في رسم المصاحف لأبي محمد عبد الله بن سهل(٤).
(٢) - كذا والمعروف في مباحث الرسم ـ كما تقدم ـ عطاء الخراساني.
(٣) - تقدم ذكره في ترجمته وقد انفرد بالنقل عنه فيما أعلم.
(٤) - انفرد به عنه أيضا.