وأما شيوخه في القراءة خاصة فيمكن استفادتهم مما ذكره ابن الجزري في ترجمته في قوله: "روى الحروف عن أصحاب الحسن البصري(١)عن الحسن بن دينار(٢)وغيره، وله اختيار في القراءة من طريق الآثار... نزل المغرب وسكن افريقية دهرا، وسمع الناس بها كتابه في تفسير القرآن، وليس لأحد من المتقدمين مثله، وكتابه "الجامع"، وكان ثقة ثبتا ذا علم بالكتاب والسنة ومعرفة اللغة والعربية، وصاحب سنة، وسمع منه بمصر عبد الله بن وهب ومثله من الأئمة، توفي في صفر سنة ٢٠٠ هـ"(٣).
ويهمنا مما ذكر ابن الجزري بالنسبة لموضوعنا العناصر التالية:
١- أنه كان صاحب اختيار في القراءة من طريق الآثار، بمعنى أنه كان ينتمي إلى الطور الثاني من أطوار القراءة طور الاختيار بين القراءات دون التزام قراءة قارئ معين من السبعة أو العشرة أو غيرهم.
٢- أنه أقام بافريقية دهرا بحيث يمكن أن يأخذ اختياره هذا طريقه إلى الرواية عند أهلها.
٣- أنه ألف كتابا في التفسير ضمنه اختياره في القراءة في الغالب، ورواه عنه جمهور من رواة العلم(٤).
(٢) - هو الحسن بن واصل التميمي أبو سعيد المعروف بابن دينار البصري. ترجمته في تهذيب التهذيب ٢/٢٧٥.
(٣) - غاية النهاية ٢/٣٧٣ ترجمة ٣٨٤٨.
(٤) - يمكن الرجوع في معرفة نوع الاختيار الذي كان يختاره في القراءة في تفسيره والذي كان يشير إليه في التفسير بعبارة "والذي في مصحفنا" – إلى كتاب التفسير ورجاله لابن عاشور ص ٢٨. وما يزال تفسيره إلى اليوم معروفا تحتفظ بمخطوطة له عتيقة جدا مكتبة جامع الزيتونة بتونس تحت عدد ١/٤٤-٤٦ حسب ما جاء عند بروكلمان في تاريخ الأدب العربي ٤/١٠ طبعة دار المعارف بمصر تعريب الدكتور عبد الحليم النجار.
ومن كتب اللغة إصلاح المنطق، والألفاظ كلاهما ليعقوب بن السكيت... وساق باقي المصادر في اللغة والتاريخ وأصول الاعتقاد، ثم عقد فصلا لذكر فضل الخط والكتابة تطرق منه إلى الحديث عن رسم المصحف الكريم وخصوصياته والمؤلفات فيه، ثم أخذ في شرح معاني الأبيات معززا لكلامه غالبا بالنقول عن المصادر المذكورة للغازي بن قيس وحكم بن عمران الناقط وأبي محمد بن سهل وأبي داود وابن أشته وغيرهم، وهي نقول كثيرة في الاستدلال لرسوم المصحف وتعليل أوضاعه الخطية لا نجدها في كتاب غيره، بل إنه ينقل عن بعض الكتب التي لم يذكرها ضمن مصادره العشرة في الرسم، ومنها "كتاب الدر النظيم في رسم حروف القرآن العظيم" ولم يذكر مؤلفه، وكتاب اللطائف في رسم المصاحف وقد نسبه نقلا عن أبي عمر الطلمنكي إلى عطاء بن يسار، ومنها كتاب الرد والانتصار لأبي عمر الطلمنكي المذكور وقد تقدم في ترجمته.
وقد استفدت من نقوله تلك كثيرا في هذه الدراسة، وما أحوجه إلى من ينفض عنه الغبار بتحقيقه وإخراجه للناس.
٣- شرح أبي عبد الله محمد بن القفال الشاطبي تلميذ السخاوي:
ذكره صاحب كشف الظنون له دون مزيد من المعلومات(١).
٤- شرح العقيلة لأبي إسحاق التجيبي: انفرد بذكره الشيخ حسين بن علي بن طلحة الشوشاوي في كتابه حلة الأعيان على عمدة البيان للخراز عند ذكر مواضع الحركات من الحروف فقال في وضع الضمة: " وأما القول بجعلها فوق الحرف فهو شاذ ذكره أبو عمرو في المحكم، وذكره أيضا أبو إسحاق التجيبي في شرح العقيلة ونسبه إلى المبرد (حلة الاعيان: لوحة ٢١).
٥- شرح أبي عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الخراز الشريشي نزيل فاس وصاحب "مورد الظمآن" (ت ٧١٨) ذكره له ابن عاشر في فتح المنان مستدركا له على أبي محمد بن أجطا في شرحه على المورد قال وقد رأيت لبعض الشيوخ النقل عنه، لكن لم أعثر عليه(٢).
(٢) - مقدمة فتح المنان (مخطوط).