وهناك مصاحف أخرى على هذا النمط أو قريب منه(١)، وكلها تشهد إلى جانب ما سبق ذكره على تعدد مصادر القراءة عند أهل افريقية والقيروان لهذا العهد، وأن ظاهرة التعدد كانت عامة، إلا أنها مع ذلك منسجمة مع الطور الثاني الذي كانت تمر منه عامة الأمصار الكبرى نفسها، وهو طور الاختيار يبن طائفة القراءات والحروف دون التزام بقراءة إمام معين في الغالب الأعم، وهو طور ما لبث أن وجه الاهتمام إلى طائفة من الاختيارات المشهورة بالأمصار لمجموعة من الأئمة وقع الإجماع بين أهلها عليهم، وكثر الآخذون لها عنهم، فتصدى طائفة من رواة العلم لجمع قراءاتهم وذكر أهم رواياتها، وألفوا فيها كتبا ضمنوها ذلك، وكان لهم أثر عميق في التنويه بأصحابها والدعوة إلى الاقتصار في القراءة على ما صح عنهم لتواتره واستفاضته وشهرته بين أئمة الإقراء، وهكذا ظهرت الريادة في التأليف في هذا الشأن في الاقتصار على أئمة مخصوصين من أئمة الأمصار، فألف في ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤) كتابه "القراءات" قال ابن الجزري": "جعلهم فيما أحسب خمسة وعشرين قارئا مع هؤلاء السبعة.. وكان بعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي نزيل أنطاكية(٢).

(١) - من أمثلة هذه المصاحف مصحف فضل مولاة أبي أيوب أحمد بن محمد محبس بتاريخ المحرم سنة ٢٩٥ هـ (القراءات بافريقية ٩٠)، ومصحف المعز بن باديس الصنهاجي (ت ٤٥٤ حبسه على جامع القيروان (القراءات بافريقية ٦٤)، ومصحف أم ملال عمة المعز على نفس الجامع (القراءات بافريقية ٦٤).
(٢) - من أهم رواة قراءة نافع وغيره أخذها عن كردم المغربي وإسحاق المسيبي (ت٢٥٨ هـ) ترجمته في غاية النهاية ١/٤٢-٤٣ ترجمة ١٧٦.

وسيأتي مزيد من التعريف بمؤلفه في أصحاب الشاطبي عن قريب، وكان حق شرحه هذا أن يذكر عقب شرح أبي الحسن السخاوي أو قبله، لأنهما معا ممن أخذ القصيدة عن ناظمها، والذي دعا إلى تأخيره أني لم أقف عليه قبل أن أهيئ هذا البحث للطبع، مما جعلني أدرجه هنا في اواخر هذه القائمة من شروح العقيلة، ولم أقف على من ذكر لابن وضاح شرحا على العقيلة، إلا أني وقفت على ذكره منسوبا إليه في مصورة عن خزانة الشيخ المقرئ عبد العزيز القاري بالمدينة المنورة حفظه الله(١).
١٢- شرح العقيلة لمحمد بن عمر بن حسين زين الدين الكردي (ت ٦٢٨)
ومؤلفه من أصحاب الشاطبي ـ كما سيأتي عن قريب ـ، ولم يذكر له ابن الجزري شرحا على العقيلة، إلا أني وقفت في مصورة عن مخطوطة خزانة الشيخ عبد العزيز القاري المذكور على نسخة من هذا الشرح مصورة عن أصل.
١٣- شرح العقيلة المسمى بـ"الكشف"، ذكره حاجي خليفة ولم يسم مؤلفه أو يذكر مزيدا من التعريف به(٢).
١٤- شرح العقيلة للملا نور الدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري (ت ١٠١٤هـ)، ويسمى بـ"الهبات السنيه العلية، على أبيات الشاطبية الرائية في الرسم"، ذكره في كشف الظنون(٣)، ويوجد مخطوطا(٤).
١٥- شرح العقيلة لمحمد بن عبد الرحمن الخليجي الإسكندري وكيل مشيخة المقارئ والإقراء بها
ذكره الشيح المقرئ عبد الفتاح المرصفي المصري في كتابه "هداية القاري" قال: "مؤلفه علم أزهري حصل على شهادة الاهلية من الازهر سنة ١٩٠٦م، ودرس القراءات على الشيخ عبد العزيز كحيل، ثم قال: "من تآليفه "شرح عقلية أتراب القصائد" مخطوط"(٥).
١٦- شرح العقيلة للعلامة الروسي المسلم موسى جار الله رستوفندوني (ت ١٣٦٨هـ ـ١٩٤٩م)
(١) - بعث إلي بصورة من قائمة محتوياتها من المخطوطات ولدي حسن أصلحه الله.
(٢) - كشف الظنون ٢/١١٥٩.
(٣) - كشف الظنون ٢/١١٥٩.
(٤) - منه مخطوطة بالمكتبة التيمورية بمصر برقم ٢٣٦.
(٥) - هداية القارئ ٧٢٠.


الصفحة التالية
Icon