وقد ذكروا أن صعصعة بن سلام (ت ١٩٢ هـ) هو أول من أدخل فقه الأوزاعي إلى الأندلس(١)، وأنه ولي الصلاة بقرطبة، وفي أيامه غرست الأشجار في الجامع وهو مذهب الأوزاعي والشاميين"(٢).
وذكروا أن المنتدبين للقضاء أيام عبد الرحمن بن معاوية كانوا يختارون من مشيخة الشاميين كمصعب بن عمران"(٣). وهذا يستتبع أن تحظى مذاهب أهل الشام بالعناية القصوى لأنها غدت هي الطريق إلى تولي مثل هذه المناصب الرسمية، وسيكون اتجاه الرحلات العلمية أيضا تبعا لذلك، ولهذا نجد الرواية عن الأوزاعي تتصدر في تراجم علماء العصر.
فممن دخل الشام من الأندلسيين وروى عن علمائها وقرائها محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأندلسي قال الحميدي: "يروي عن الأوزاعي، وروى عن إبراهيم بن أبي عبلة(٤)"(٥).
ومنهم أسد بن عبد الرحمن السبائي الأندلسي "روى عن مكحول(٦)والأوزاعي، ولي قضاء كورة "ألبيرة " في إمارة عبد الرحمن بن معاوية. وكان حيا بعد الخمسين ومائة"(٧).

(١) - جذوة المقتبس للحميدي ٢٤٤ ترجمة ٥١٠.
(٢) - "تسع وثائق في شؤون الحسبة على المساجد في الأندلس: الوثيقة الأولى ص ٢٢ حوليات كلية الآداب بالكويت السنة ١٤٠٤-١٩٨٤ تحقيق الدكتور محمد عبد الوهاب خلاف. (عن مخطوط أحكام ابن سهل).
(٣) - تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية ٦٦/ ومثله في تاريخ علماء الأندلس ١/٣٥٤ ترجمة ٦٠٨.
(٤) - هو إبراهيم بن أبي عبلة الشامي الدمشقي تابعي كبير له حروف في القراءة واختيار خالف فيه العامة في صحة إسنادها إليه. ننظر أخذ القراءة عن أم الدرداء الصغرى ووائلة بن الأسقع مات سنة (١٥٢-١٥٣) ترجمته في مشاهير علماء الأمصار ١١٧- وغاية النهاية ١/١٩ ترجمة ٧٢.
(٥) - جذوة المقتبس ٤٢-٤٣.
(٦) - من كبار فقهاء الشام (ت ١١٢ هـ) مشاهير علماء الأمصار ١١٤ ترجمة ٨٧٠.
(٧) - جذوة المقتبس ١٧٢ ترجمة ٣٢٠.

قضى الشاطبي في بلاد الاندلس بعد تخرجه في القراءة زمانا فكان له بالأندلس أصحاب انتفعوا به، كما دخل الاسكندرية سنة ٥٧٢(١) ولم يلبث أن انتقل عنها إلى القاهرة، "فانتفع به خلق كثير لا يحصون كثرة"(٢)، إلا أن التاريخ العلمي قد فاته أن يتحفنا بمعجم لهؤلاء الأصحاب على غرار ما فعل بيعض اللأعلام، ولهذا لم يعد بإمكاننا الآن إلا أن نلتقط أسماء المشهورين بالحمل عنه فقط من تراجمهم في الطبقات، وقد تجمعت لدي منها ومن بعض الإشارات في المظان الاسماء التالية:
١- عبد الرجمن بن إسماعيل بن الحداد وبه عرف أبو القاسم الازدي التونسي
تقدم ذكره في مشيخة الإقراء بسبتة ومراكش، قال ابن الأبار: سكن اشبيلية وقتا، وتصدر لإقراء العربية ومات بمراكش في حدود الأربعين وستمائة"(٣).
وذكر ابن الجزري أنه "ولد بعد الخمسين وخمسمائة، ورحل فقرأ على الشاطبي وسمع من ابن بري النحوي وتحول في آخر عمره إلى الغرب فسكن مراكش، وعمل شرحا للشاطبية، ويجتمل أن يكون هو أول من شرحها.. ومات بمراكش في حدود سنة ٦٢٥"(٤).
٢- عبد الرجمن بن سعيد الشافعي أبو القاسم المصري القليوبي
(١) - البداية والنهاية لابن كثير مجلد ٧ الجزء ١٣ حوادث سنة ٥٩٠.
(٢) - الذيل والتكملة السفر ٥ القسم ٢/٥٤٨ـ، ٥٥٧ ترجمة ١٠٨٨.
(٣) - نقله السيوطي في البغية ٢/٧٨ ترجمة ١٤٨٢.
(٤) - غاية النهاية ١/٣٦٦.


الصفحة التالية
Icon