ونكتفي بهذه الأسماء التي ذكر أصحابها بالرواية المباشرة عن مالك، وغرضنا من ذكرها ما نبهنا عليه من احتمال نقلها لقراءة نافع وإن لم تشتهر بالقراءة والاقراء، ولكن بناء على ما ذكرنا من اعتبار لمجرى العادة في عدم إمكان دخول عالم في مستوى أولئك الأعلام لهذا البلد أو ذاك في رحلة طلب العلم، دون أن يلفت نظره نوع القراءة السائدة في البلد، لاسيما حين تكون مخالفة لما يأخذ به، وحين تكون أيضا قراءة إمام الحرم النبوي وإذا كان قد قيل عن افريقية انها "كانت قبل رحلة سحنون ـ سنة ١٨٨- قد عمرها مذهب مالك بن أنس، لأنه رحل منها أكثر من ثلاثين رجلا كلهم لقي مالك بن أنس وسمع منه"(١)، فإن منطق الأشياء يقضي أن لا يقل عدد من تشرفوا بالعرض على نافع من أهل هذه الجهات عن هذا العدد إن لم يفقه، إلا أن المصادر التاريخية إنما كانت تعنى في الغالب بالفقهاء، ولأن كثيرا من أولئك الفقهاء إنما نسبوا إلى ما غلب عليهم لهذا العهد، إذ لم يكن التصدر لاقراء القراءة خاصة قد أخذ طريقه بعد فيما يظهر، وكان انصراف تلك الطبقة من الفقهاء العائدين بالرواية عن أهل المدينة إلى نصرة المذهب المالكي والتمكين له قد اقتضى منهم نوعا من التفرغ له، وحدد مجال عملهم في مقاومة التيار العراقي الواسع النفوذ.
غير أن انصرافهم لمقاومة هذا التيار قد أفاد بصورة غير مباشرة في توجيه "الرأي العام" وتعريفه بقيمة هذه الروايات الجديدة التي بدأت تدخل في ركاب هؤلاء الرواة ومن جملتها رواية طائفة منهم للقراءة المدنية.
الإمام سحنون بن سعيد التنوخي وأثره في ترسيم مذهب أهل المدينة بإفريقية والمغرب في الفقه والقراءة:
ـ وأنبأني بها الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجزري، وقرأها على أبي القاسم بن أبي الحزم(١) إمام الجامع الانور قال: قرات على الناظم"(٢).
٥- إسناد أبي عبد الله المنتوري في فهرسته (ت ٨٣٤) :
ذكر في فهرسته أنه عرض القصيدة من حفظه على جماعة سماهم، ثم رفع الأسانيد من طرق عن أبي بكر بن وضاح وأبي الحسن علي بن شجاع، فذكر منها سبع طرق بالقراءة والسماع وطرقا عديدة أخرى بالإجازة والكتابة(٣).
٦- إسناد أبي عبد الله محمدبن محمد المجاري الاندلسي (ت ٨٦٢) في برنامجه :
أسند أبو عبد الله المجاري الشاطبية عن ثلاثة من أعلام مشيخته بأسانيدهم بها من عدة طرق إلى أبي الحسن بن شجاع وهبة الله بن الأزرق بقراءتهما على الشاطبي(٤).
٧- إسناد الحافظ ابن الجزري (ت ٨٣٣) في كتاب النشر في القراءات العشر
أسند الحافظ ابن الجزري قصيدة الشاطبي بعد تلاوته القرآن بمضمنها في أواخر سنة ٧٦٩ من طريق أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي، وأسندها من طريق أبي الحسن السخاوي، وطريق أبي الحسن علي بن شجاع صهر الشاطبي، ومن طريق السديد عيسى بن مكي، ومن طريق محمد بن قاسم الجمال ابن ناظمها(٥).
إسناد أبي عبد الله بن غازي المكناسي نزيل فاس (ت ٩١٩) في فهرسته"التعلل برسوم الإسناد"
أسند أبو عبد الله بن غازي قصيدة الشاطبية من طرق عديدة قرأ بها، منها عن شيخه أبي عبد الله الصغير من طريق الكمال الضرير، ومن طريق هبة الله بن الأزرق، ورواها عن شيخه أبي عبد الله بن السراج من طريق أبي بكر بن وضاح، وعلي بن شجاع الكمال الضرير من طرق، وكلهم عن الشاطبي(٦).
(٢) - كنز المعاني في أوله عند ذكر الأسانيد.
(٣) - فهرسة المنتوري لوحة ٦ـ٧.
(٤) - برنامج المجاري ٩٥ـ٩٦ـ١١٤ـ١٢٠ـ١٢٢.
(٥) - النشر ١/٦١ـ٦٢ـ٦٣.
(٦) - فهرسة ابن غازي ٣٨ـ٣٩ـ٤٠ـ٩٧ـ١٥٧ـ١٨٨ (الملحق).