تلك هي أهم المنافذ التي نفذت منها هذه القراءة إلى مختلف المناطق في افريقية والمغرب والأندلس، وأولئك هم الرواد الذين تم على أيديهم دخولها والقيام عليها إلى أن تحقق لها الحصول والظفر بالصدارة على غيرها من قراءات السلف، واعتمادها في مجموع الأقطار المغربية وامتداداتها قراءة رسمية جامعة لا تجد لها مزاحمة ولا منافسة من قراءة أخرى إلى اليوم. ولعل القارئ الكريم قد لمس معنا عن كثب أهم العوامل والأسباب التي ساعدت على ذلك، ولكننا رأينا لمزيد من البيان أن نقف معه على إبرازها وتحديد أهم عناصرها لأننا لم نقف على أحد تقدمنا إلى دراستها واستخلاصها ومحاولة استقرائها من الوقائع والمظان. ونسوقها فيما يلي مجملة في نقط، ثم نأخذ في تفصيلها بعون الله:
عوامل اعتماد قراءة نافع قراءة رسمية:
١- الرحلة إلى الحجاز.
٢- إيثار مذاهب أهل المدينة على غيرها.
٣- العلاقة بين القراءة والمذهب.
٤- النقل المزدوج للقراءة والمذهب معا على أيدي الرواد.
٥- تشجيع السلطة الحاكمة وتدخلها.
٦- الرغبة في استقلال الشخصية عن المشرق.
٧- ميل المغاربة إلى الوحدة السياسية والمذهبية والفكرية.
ولنا وقفة مع كل عامل من هذه العوامل لبيان أثره في ترسيخ جذور هذه القراءة في المناطق المغربية ودعمها بكل الوسائل إلى حين استقرارها واستوائها في هذه الآفاق وانفرادها بالمقام الأول بغير مزاحم أو منافس.
الفصل الرابع:
عوامل اعتماد قراءة نافع قراءة رسمية
العامل الأول: الرحلة إلى الحجاز
٢- شرح الشاطبية لأبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن علي بن سكن (١) من أهل مربيطر عمل بلنسية، نزيل مصر (ت في نحو ٦٤٠).
ذكره له ابن الأبار كما ذكر اختصاره لكتاب "التيسير" الذي سماه "التذكير"(٢).
وقال ابن عبد الملك :" كان مقرئا مجودا ذا عناية تامة بالقرءان العظيم وضبط أدائه وإتقان تلاوته، متحققا بعلم العربية، تصدرلاقراء القرءان وتدريس العربية بالفيوم من صعيد مصر واستوطن به، وله اختصار نبيل في "التيسير" لأبي عمرو سماه " التذكير"، وشرح القصيدة المسماة بحرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع نظم أبي القاسم ويقال أبو محمد قاسم بن فيره الشاطبي شرحا جيدا أفاد به"(٣).
وقد سمى شرحه في كشف الظنون وغيره "المهند القاضبي، شرح قصيدة الشاطبي"(٤).
وما تزال مخطوطة من هذا الشرح محفوظة في بعض الخزائن بتركيا(٥).
٣- شرح الشاطبية لمحمد بن محمود شمس الدين السمرقندي المتوفى بعد (٦٠٠هـ)(٦).
سماه بعض الباحثين في التراث بـ"المبسوط" وذكر وجود نسخة منه في بعض الخزائن(٧).
(٢) - التكملة ١/١٢٢ – ١٢٣ ترجمة ٣٠٦ وذكر وفاته في نحو ٦٤٠، وذكر بعض المفهرسين وفاته سنة ٦٤٠.
(٣) - الذيل والتكملة السفر ١ القسم ١/٣٢٠ – ٣٢١ ترجمة ٤٢١ ويمكن الرجوع إلى معرفة القراء ١/٥٤٥ وغاية النهاية ١/٨٧ وبغية الوعاة ١/٣٤٥ ترجمة ٦٥٨ ونفح الطيب ٢/٣٣٧.
(٤) - كشف الظنون ١/٦٤٧ وهدية العارفين ١/ع ٩٣.
(٥) - توجد منه نسخة بمكتبة ولي الدين جار الله / استامبول تحت رقم ٢٦ أوراقها ٨٩٠ (الفهرس الشامل للتراث العربي الاسلامي المخطوط – علوم القرآن – القراءات – ١/١٩٦٧.
(٦) - ترجمته في غاية النهاية ٢/٢٦٠ ترجمة ٣٤٦٠ ولم يذكر سنة وفاته، وحددها بعضهم بما ذكرت.
(٧) - النسخة مخطوطة بخزانة جاريت / برنستون برقم ١٢٠٤ حسب بروكلمان ١/٥٢١ (الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط ١/١٩٠.