ولقد رأينا قبل كيف دعا في رسالته التي دونها ابنه في "آداب المعلمين" إلى وجوب تعليم المعلم لتلامذته ما علم من القراءة الحسنة(١)، وهو مقرأ نافع"(٢).
ورأينا أيضا كيف تقدم صاحبه عبد الله بن طالب إلى محمد بن برغوث المقرئ بجامع القيروان ألا يقرئ الناس إلا بحرف نافع"(٣).
فهذا التدخل من السلطة القضائية إلى جانب الاتجاه العام التي اتجهته الدولة بفعل تأثير أولئك الفقهاء "المدنيين" كان من أهم العوامل في رأينا في اختيار قراءة نافع واعتمادها قراءة رسمية.
العامل السادس: الرغبة في الاستقلال السياسي والفكري عن السلطة في المشرق

(١) - تقدم احتمال أن يكون اللفظ محرفا عن "السنية" وهو الوصف الذي وصف به مالك قراءة نافع.
(٢) - رسالة آداب المعلمين ١٠٢.
(٣) - ترتيب المدارك ٤/٣١٣.

"ورتبت الكتاب في ثلاثة أنواع : الأول في اللغة والإعراب والبيان.- والثاني في شرح معاني الكلام.- والثالث في توجيه وجوه القراءات، وقد أجزنا الإقتصار على
أحدها لمن أراد أن يفردها(١)، ولتكن الخاتمة لكل خادمة، والله أسأل أن يخلص نيتي، إنه قريب مجيب، وما توفيق إلا بالله عليه توكلت إليه أنيب".
ثم بدأ بعقد فصل تمهيدي قال فيه: "فصل في معرفة منشأ الخلاف والبحث عن تعلمه "فاستعرض حديث الباب في إنزال القرءان على سبعة أحرف وأصح ما قيل في بيان تاويله، وانتهي إلى اختيار القول بأنه يعني اختلاف ألفاظ القراءة، ثم انتقل إلى الحديث عن اشتمال المصاحف العثمانية على الأحرف السبعة، ثم فسر مدلول الاختلاف في القراءة، وتحدث عن ضوابط القراءة الصحيحة، ثم بحث في تواتر القرءان وقرءاته وبيان المراد بالقراءات السبع ودفع توهم إرادة أنها تعني الأحرف السبعة، ثم ذكر كثرة القراءات وجماعة ممن ألفوا في رواياتها وطرقها، ثم ترجم للإمام الشاطبي وذكر مشايخه ومصنفاته وبعض آثاره الشعرية وبعدها شرع في المقصود.
(١) - يوجد على بعض نسخ الكنز تصدير منقول عن المؤلف يرشد إلى كيفية الإنتفاع بالكتاب كلا أو بعضا وهذا نصه:
"الحمد لله، هذا الكتاب يشتمل على ستة أنواع في كيفية كتابة جملته طريقان : الأول أن يكتب بجزءين الأول في الأصول والآخر في الفرش، والثاني أن يكتب ثلاثة أجزاء: الأول في الإعراب ومتعلقة، والثاني في شرح القراءات ومتعلقها، والثالث في توجيهها، وأجزت أن يفرد كل منها مستقلا، وسميت الأول "التقييد في إعراب القصيد"، والثاني "الأبحاث العلية في معاني الشاطبية"، والثالث "التكميل في "التذييل"، والرابع "نكت الأبيات"، والخامس "الفرائد في نشر الفوائد" والسادس "التنويه في التوجيه". وهذا التقييد مكتوب على ظهر نسخة بمكتبة العلامة العثماني رحمه الله بأكادير - إنزكان-.


الصفحة التالية
Icon