سبق أن رأينا كيف كانت كل من افريقية والأندلس تتبعان المشرق في المجال السياسي، وكيف كانتا تبعا لذلك تستقبلان التأثير المشرقي في الميدان الفقهي والفكري والمذهبي، ورأينا من خلال ذلك كيف تأثرت البلاد الافريقية والأندلس في مجال القراءات بما كان سائدا في الأمصار الإسلامية من قراءات أئمتها بحسب ما غلب عليها بفعل التبعية وميل الدولة، أو بفعل الاحتكاك وقرب الجوار، أو بسبب اتجاه الرحلات العلمية، وبهذا رأينا كيف عرفت افريقية قراءات عراقية من أهمها قراءة حمزة بن حبيب إمام الكوفة، وعرفت الأندلس قراءة ابن عامر وغيره من قراء الشام، وذلك قبل أن تتكامل لهما معا عناصر الاختيار، وتتمكنا من التخلص من تلك التبعية، ولقد بدأ التفكير في ذلك يسود ويأخذ طريقه إلى التنفيذ منذ أواسط المائة الثانية على تفاوت بين الجهات الأندلسية والافريقية فيه، إذ استطاعت الأولى أن تحقق الاستقلال السياسي عن دار الخلافة بالمشرق عقب دخول عبد الرحمن بن معاوية إليها سنة ١٣٨هـ، في حين تحقق مثل ذلك للإمارة الإدريسية بفاس على إثر دخول المولى إدريس بن عبد الله الحسني سنة ١٧٢هـ، وبقيت افريقية تراوح بين التبعية ومحاولة الاستقلال إلى قيام دولة بني عبيد بها وسقوط دولة بني الأغلب سنة ٢٩٦هـ(١).

(١) - هذا هو تاريخ هروب زيادة الله الأغلبي من مدينة رقادة في جمادى الأخيرة من السنة المذكورة، يمكن الرجوع في هذه الأحداث إلى البيان المغرب ١/١٤٦-١٤٧.

وقد ألفت على شرح الجعبري شروح وحواش وطرر تدل على أهميته ومقدار تداول العلماء له وعنايتهم به وبتدارس مسائله ومباحثه، وهذه قائمة بأهم ما هو معروف منها :
٢٤- تعليقة على الشاطبية بشرح الجعبري بعنوان "العبقري على الجعبري "لشمس الدين أحمد بن إسماعيل الكوراني الرومي المفتي، ذكرها له في كشف الظنون وإيضاح المكنون وهدية العارفين(١) ومنها نسخ خطية في المكتبات المشرقية(٢).
٢٥- شرح الشاطبية أو "الجوهر النضيد" "لأبي بكر بن إيدغدي الشمسي المعروف بابن الجندي (ت ٧٦٩)
شيخ مشايخ القراء بمصر، قال ابن الجزري: "ألف شرحا على الشاطبية يتضمن إيضاح شرح الجعبري، ورأيته يبيض فيه، وكان ثقة عالما"(٣)، وذكره له القسطلاني في "لطائف الإشارات"(٤) وصاحب كشف الظنون وقال: "هو شرح حافل.. أوله" "الحمد لله الذي ابتدع الإنسان بصنعه وصوره.." (٥).
وتوجد بعض نسخه الخطية في المشرق(٦).
٢٦- حاشية على شرح الشاطبية للجعبري تأليف المولى شمس الدين محمد بن حمزة الفناري (ت ٨٣٤) (٧)
٢٧- أمال على شرح الشاطبية للجعبري لمحمد بن محمد الكومي التونسي الملقب ب"مغوش" (ت ٩٤٧).
ذكره الزركلي في الأعلام وقال: "أملاه بالقستنطينية(٨).
٢٨- حاشية علي الكنز أو "حفظ الأماني ونشر المعاني "لأبي القاسم بن علي الشاوي العلاوي المكناسي
(١) - كشف الظنون ١/٦٤٦-وإيضاح المكنون ٢/٩٢- وهدية العارفين ١/١٣٥.
(٢) - منها نسخة المكتبة السعيدية بحيدر آباد (١٤) ٥٤- ومكتبة محمد مراد بأستامبول رقم ١٠- ونور عثمانية بأستامبول رقم ٦٣ (الفهرس الشامل ١/٤٤١).
(٣) - غاية النهاية ١/٨٠ ترجمة ٨٣٨.
(٤) - لطائف الإشارات ١/٩٠.
(٥) - كشف الظنون ١/٦٤٨.
(٦) - نسخة بالمسجد الأقصى برقم ٢ ط- وبالأسكوريال برقم ٩ (الفهرس الشامل ١/٤٤١).
(٧) - كشف الظنون ١/٦٤٧.
(٨) - الأعلام ٧/٥٧.


الصفحة التالية
Icon