ويعزو بعض الباحثين هذا الإحساس بقيمة الوحدة المذهبية عند المغاربة، إلى تغلب نزعة أهل الحديث عليهم، لاسيما أهل الأندلس منهم، الذين درجوا على سياسة تشريعية هامة، وهي سياسة التمسك بالمذهب الواحد في قضاياه الدينية والدنيوية، ألا وهو المذهب المالكي، حتى قيل انهم لا يعرفون سوى كتاب الله وموطأ مالك بن أنس(١).
ولقد ترامى أثر هذه الوحدة المذهبية في الشؤون الدينية من الأقطار المغربية إلى داخل القارة الافريقية، ـ كما عبر عن ذلك بعض علماء نيجيريا حين قال مشيرا إلى هذا الامتداد: "فالعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي هما نفسهما هناك وهنا، كذلك القراءة أيضا هي رواية ورش عن نافع، حتى الخط، فالخط الافريقي هو نفس الخط المغربي مع تغيير بسيط"(٢).
ولقد أدى هذا التمسك بالقراءة الواحدة وترسيمها في الإقراء والصلوات وغيرها إلى نفور العامة من كل قراءة أخرى تريد مزاحمتها في المحافل الرسمية، ولذلك ذكر ابن رشد (ت ٥٢٠) ـ ما قدمناه ـ من اختيار الشيوخ المتقدمين لها بقرطبة، فكان الإمام في الجامع لا يقرأ إلا بها"(٣).
الحرص على توحيد القراءة وانعكاساته ودواعيه:
ولم يسد الشعور بالرغبة في الوحدة فيما يخص المذهب وحده، وإنما صاحبه شعور أعمق بوجوب التمسك بها في القراءة أيضا، وتدخل العامة في ذلك فأعطوا الأمر صفة الحتمية واللزوم فكانوا يستوحشون من كل قراءة خرجت عن قراءة نافع، ويقابلونها بالنقد والاعتراض.
(٢) - عن محاضرة الشيخ إبراهيم صالح بن يونس الحسيني من نيجيريا ـ نشرت بـ"ندوة الإمام مالك بفاس" ١/١٤٥.
(٣) - مسائل ابن رشد ج ٤ ورقة ٦٨١ تحقيق محمد الحبيب التجكاني ـ والمعيار للونشريسي ١/٢٢٦.
المعروف بالسمين النحوي نزيل القاهرة (ت ٧٥٦) قال ابن الجزري: "شرح الشاطبية شرحا لم يسبق إلى مثله "(١)، وقد نقل ابن الجزري بعض كلامه فيه في النشر(٢)،
وعرف به في كشق الظنون(٣)، وما تزال بعض نسخه في بعض خزائن المشرق(٤).
٤٣- شرح الشاطبية أو "مبرز المعاني في شرح حرز الأماني "للحافظ محمد بن عمرو بن علي بن أحمد العمادي ذكره له في هدية العارفين وقال :"فرغ منه سنة ٧٦٢"(٥)، توجد نسخه في عدة مكتبات شرقية(٦).
٤٤- شرح الشاطبية أو "جامع القواعد "لحمزة بن قتلوبك بن عبد الله (ت ٧٦٧).
توجد منه مخطوطة بمكتبة إسحاق الحسيني برقم ٤٩/١ في ١٨٧ ورقة(٧).
٤٥- شرح الشاطبية لمحمد بن جمال الدين أحمد بن عثمان العثماني الديباجي أبي عبد الله الملوي (٧١٣-٧٧٤). ذكره له في هدية العارفين(٨).
(٢) -النشر ١/٤٨٨-٤٨٩.
(٣) - قال في كشف الظنون ١/٦٤٨ "أوله الحمد لله الذي تفضل على العباد في المبدأ والمعاد- ثم ذكر أن الحرز المذكور أحسن ما وضع في الفن وأحسن شروحه شرحا الشيخين الفاسي وأبي شامة، غير أن كلا منهما أهمل ما عني به الآخر، مع إهمالهما أشياء مهمة فشرحه بما يوفي المقصود واجتهد في بيان فك الرموز وإعراب الأبيات، وجعل الشين علامة لأبي شامة والعين لأبي عبد الله الفاسي، وسماه العقد النضيد في شرح الفصيد".
(٤) - منه نسخة بدار الكتب بالقاهرة تحت رقم ٤٤ وأخرى بالجامع الكبير بصنعاء برقم ١٥٦٦ (الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي ١/٢٨١).
(٥) - هدية العارفين: ٢/١٦٢ وإيضاح المكنون: ٣/٤٢٤.
(٦) - ذكر منه جامع (الفهرس الشامل للتراث ١/٢٨٢-٢٨٥) ثمان عشرة نسخة أكثرها في مكتبات الهند، وذكر منه نسخة بمكتبة الحرم المكي برقم ٤٢ وبالمحمودية بالمدينة المنورة برقم ٣٢٣/٤٧ في مجلدين يقعان في ٤٠٤ ورقة.
(٧) -الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي ١/٢٨٧.
(٨) - هدية العارفين ٢/١٦٦.