إلا أن هذه النسبة ستأخذ منذ أواخر المائة السادسة تنكمش لتدل على الامتداد الجغرافي الذي يعرف اليوم بـ"المغرب الأقصى"، وذلك بعد سقوط صقلية وتفكك وحدة المغرب السياسية في القرن السابع الهجري وسقوط الحواضر الأندلسية تباعا إلى أن كان الجلاء العام عنها، وهكذا يضيق مفهوم هذه النسبة منذ هذا العهد ليتطابق فيه المفهوم المراد بالمفهوم السياسي الحالي.
ولفظ "قراءة" الوارد في أول العنوان يراد به كما تقدم ما ينسب إلى الإمام نافع من حروف وأصول أدائية. ولكن هذا اللفظ كثير الدور في أثناء البحث وقد يراد به غير هذا المعنى، وقد يعبر بدلا منه بلفظ "رواية" أو بهما لمعنى خاص كقولنا: "قرأ نافع من رواية ورش"، وربما قلنا: "من طريق "التيسير" أو "الشاطبية" فناسب الأمر أن نذكر بالفروق بين هذه المصطلحات وغيرها مما يكثر استعماله في البحث.
وقد تعرض لبيان ذلك أكثر المؤلفين في القراءة لضرورة معرفة القارئ بالفروق المذكورة، إذ يتوقف عليها التمييز بين مواضع الاتفاق والاختلاف بين القراء والرواة والطرق عنهم.
وقد نبه الشيخ أبو الحسن علي النوري الصفاقسي في "كتاب غيث النفع في القراءات السبع "على هذه الفروق فقال:
"إن كل ما ينسب لإمام من الأئمة فهو قراءة، وما نسب للآخذين عنه ولو بواسطة فهو رواية، وما نسب لمن أخذ عن الرواة وإن سفل فهو طريق، فنقول مثلا: "إثبات البسملة ـ يعني بين السورتين ـ قراءة المكي، ورواية قالون عن نافع، وطريق الاصبهاني عن ورش. قال:
"وهذا ـ أعني القراءات والروايات والطرق ـ هو الخلاف الواجب، فلا بد أن يأتي القارئ بجميع ذلك، ولو أخل بشيء منه كان نقصا في روايته.
وأقل ما أفاده منها الجانب القرائي هو هذا النفس الشعري الرفيع الذي يقدم لنا في قالبه الرائق قواعد الفن وأصول الأداء، جامعا في الوقت ذاته بين صحة القاعدة وحسن الديباجة في تناغم رائع بينهما كما سوف نقف عليه في رائيته الفريدة التي مثل بها في هذه القراءة مقام الريادة الفذة.
تصدره للإقراء وأهم المذكورين بالرواية عنه من الأدباء والقراء
لا نجد في كتب التراجم اهتماما كافيا بذكر أصحاب أبي الحسن الحصري الذين أخذوا عنه الرواية أو سمعوا منه قصيدته العصماء في قراءة نافع، وقد حاولت أن أستجمع أسماء جملة ممن وقفت على ذكرهم بالرواية عنه في كتب التراجم، وفيهم عدد معتبر من أكابر القراء ورواة العلم في الأندلس والمغرب سأقوم بترتيبهم على الهجاء وهم:
١- آدم بن الخير السرقسطي:
ذكر ابن الأبار أيضا أنه "سمع بدانية من أبي الحسن الحصري في سنة ٤٦٩، وله رواية عن أبي داود وغيره"(١).
٢- أبو إسحاق الأديب:
ذكره ابن الأبار أيضا بكنيته وتحليته وقال: لقي أبا الحسن الحصري وسمع منه"(٢).
٣- الحسن بن خلف بن بليمة أبو علي الهواري صاحب "تلخيص العبارات بلطيف الإشارات في القراءات السبع":
جاء ذكره بالرواية عنه في مقدمة شرح العبدري الآتي للقصيدة الحصرية وفيها يقول: "إذ كانت روايتي لها عن أبي الحسن بن بليمة الاسكندري(٣)، حدثني بها بالاسكندرية عن مؤلفها إجازة"(٤).
٤- خلف بن محمد بن صواب أبو القاسم بن صواب(٥) المقرئ:

(١) - التكملة ١/٢١٢ ترجمة ٥٦٧.
(٢) - التكملة ١/١٩٤ ترجمة ٥١٦.
(٣) - نسبة إلى مكان تصدره.
(٤) - منح الفريدة الحمصية لابن الطفيل العبدري وسيأتي في شروح الحصرية.
(٥) - في غاية النهاية "الصواف"، وفي النشر كما أثبته.


الصفحة التالية
Icon