ولا يخفى أن ذلك كان يومئذ هو الكفيل وحده ببلوغ المولى ما يطمح إلى تحقيقه من مركز اجتماعي، وتقدير عام عند الناس، إن لم يصل به ذلك إلى مستوى السيادة على أهل المصر جميعا، على ما قاله الحجاج بن يوسف الثقفي في محاورة مع خالد بن صفوان(١)، إذ سأله من سيد أهل البصرة؟ فقال له: الحسن ـ يعني الحسن البصري ـ فقال: كيف ذلك وهو مولى؟ فقال: احتاج الناس إليه في دينهم، واستغنى عنهم في دنياهم، وما رأيت أحدا من أشراف البصرة إلا وهو يروم الوصول في حلقته، إليه ليستمع قوله ويكتب علمه، فقال الحجاج: هذا والله السؤدد(٢).
(١) - هو خالد بن صفوان بن عبد الله التميمي كان لسنا لبيبا خطيبا.. المعارف لابن قتيبة ١٧٧.
(٢) - جامع بيان العلم وفضله ١/٦٢.
(٢) - جامع بيان العلم وفضله ١/٦٢.
ولقد أدى الحال بسبب وفرة النقول عن هذه الشروح وغيرها وإتساع مذارك القراء في محتوياتها، إلى أن تضخم الرصيد العلمي عند أولئك القراء واتسع محفوظهم من نصوص الأئمة اتساعا مدهشا، حتى إن الشيخ الكانوني يحكي عن أحد هؤلاء الأساتذة الحفاظ وهو الشيخ المهدي الدكالي العوني نزيل الغساسنة(١) أنه قرأ مع تلامذته الشاطبية في القراءات، فقرأ في البسملة خمسة أيام، فاستطال ذلك الطلبة فقيل له في ذلك؟ فقال : هكذا قرأناه، ولا نقدر على ما دون ذلك فإن تواضعتم فإن سيدي أحمد العبدي يقرأ معكم ما تريدون، فأذن له فدرس معهم الشاطبية (شرح الجعبري) بمدرسة شيخه المذكور ببلاد العونات(٢).
وكما كان للإمام الشاطبي في الميدان العلمي تأثير بليغ في الجوهر والمحتوى، كان له أيضا تأثير مماثل على الشكل الذي ظل الناس يأخذون به في الإقراء، وإن أدخلوا على صورته في بعض البلدان نوعا من التغيير.
(١) - من فحول مشايخ القراءة في المائة الثالثة عشرة وكان معاصرا للشيخ المعروف في الحوز "سيدي الزوين" صاحب مدرسة القراءات المشهورة إلى اليوم.
(٢) - جواهر الكمال في تراجم الرجال لمحمد بن أحمد العبدي الكانوني القسم ٢/١٨-١٩-وقد ذكره في ترجمة أبي العباس أحمد بن عبد الواحد ابن مولاي أحمد العبدي الزيدي فذكر أنه أخذ القراءا ت السبع عن الفقيه الأستاذ السيد التونسي بن أحمد العوني وعليه أتقنها وحررها، ثم أخذ قراءات الثلاثة تمام العشرة عن غيره، كما أخذ العلم وأحكام القراءات كلها أيضا عن الأستاذ الصالح سيدي المهدي الدكالي العوني نزيل الغساسنة... ثم ساق قصة إقرائه للشاطبية فقرأ البسملة في خمسة أيام إلخ، ثم ذكر وفاته في العشرة الأولى من القرن الرابع عشر الهجري.
(٢) - جواهر الكمال في تراجم الرجال لمحمد بن أحمد العبدي الكانوني القسم ٢/١٨-١٩-وقد ذكره في ترجمة أبي العباس أحمد بن عبد الواحد ابن مولاي أحمد العبدي الزيدي فذكر أنه أخذ القراءا ت السبع عن الفقيه الأستاذ السيد التونسي بن أحمد العوني وعليه أتقنها وحررها، ثم أخذ قراءات الثلاثة تمام العشرة عن غيره، كما أخذ العلم وأحكام القراءات كلها أيضا عن الأستاذ الصالح سيدي المهدي الدكالي العوني نزيل الغساسنة... ثم ساق قصة إقرائه للشاطبية فقرأ البسملة في خمسة أيام إلخ، ثم ذكر وفاته في العشرة الأولى من القرن الرابع عشر الهجري.