ومن طريف ما حكاه صاحب الأغاني عن حلقة أبي جعفر وخفة روحه مع صلاحه وتقواه، ما أخرجه بسنده عن جرير(١)قال: "أخذ بعض ولاة المدينة المغنين والمخنثين بلزوم مسجد رسول الله ـ ﷺ ـ، وكان في المسجد رجل ناسك يكنى أبا جعفر مولى لابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، يقرئ الناس القرآن وكان ابن عائشة(٢)يلازمه، فخلا لابن عائشة يوما الموضع مع أبي جعفر، فقرأ له فطرب ورجع، فسمع الشيخ صوتا لم يسمع مثله قط، فقال له يا ابن أخي، أفسدت نفسك وضيعتها، لو أنك لزمت المسجد وتعلمت القرآن، لأممت الناس في مسجد رسول الله ـ ﷺ ـ في شهر رمضان، ولأصبت بذلك من الولاة خيرا، فوالله ما دخل أذني قط صوت أحسن من صوتك، فقال ابن عائشة: فكيف لو سمعت يا أبا جعفر صوتي في الأمر الذي صنع له؟ قال: وما هو؟ قال: انطلق معي حتى أسمعكه، فخرج معه إلى ميضأة ببقيع الغرقد عند دار المغيرة بن شعبة، وكان أبو جعفر يتوضأ عندها كل يوم، فاندفع ابن عائشة يغني:
الآن أبصرت الهدى وعلا المشيب مفارقي(٣)
فبلغ ذلك من الشيخ كل مبلغ، وقال: يا ابن أخي، هذا حسن، وأنا أشتهي أن أسمعه، ولكن لا أطلبه ولا أمشي إليه، قال ابن عائشة: فانا أسمعكه، فكان يرصده، فإذا خرج أبو جعفر يتوضأ خرج ابن عائشة في أثره حتى يقف خلف جدار الميضأة بحيث يسمع غناءه، فيغنيه أصواتا حتى يفرغ أبو جعفر من وضوئه، فلم يزل يفعل ذلك حتى أطلقوا من لزوم المسجد"(٤).
٢- زيد بن أسلم أبو أسامة المدني مولى عمر بن الخطاب (ت ١٣٦)
(٢) - وابن عائشة هومحمد بن عائشة أبو جعفر المدني المغني – أخباره في الأغاني ٢/٦٢ إلى ٧٩.
(٣) - البيت للوليد بن يزيد وبقال لابن رهيمة في جملة أبيات ستة ذكرها صاحب الأغاني ٢/٦٨.
(٤) - الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٢/٦٧-٦٨.
"قرأت القرءان على المكتب الأستاذ الصالح أبي عبد الله بن عبد الولي العواد(١) تكتيبا ثم حفظا ثم تجويدا على مقرأ أبي عمرو، ثم نقلني إلى أستاذ الجماعة ومطية الفنون، ومفيد الطلبة، الشيخ الخطيب المتفنن أبي الحسن علي القيجاطي، فقرأت عليه القرءان والعربية، وهو أول من انتفعت به"(٢)
١٥- محمد بن عبد الرحمن بن سعيد الكرطوسي التميمي من أهل فاس ونزيل مالقة.
قدم الأندلس سنة ٧٢٢، قرأ القرءان على أبيه والأستاذ أبي الحسن القيجاطي البلوي وأبي إسحاق الجزيري وأبي الحسن بن سليمان القرطبي نزيل فاس وغيرهم، وسيأتي مزيد من التعريف به في أصحاب القرطبي(٣).
١٦- محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن يحيى بن الحكيم اللخمي يكنى أبا بكر.
قال ابن الخطيب: "قرأ على الأستاذ أبي جعفر الجزيري والأستاذ أبي الحسن القيجاطي والأستاذ ابن أبي العاص، وأخذ عن الطم والرم من مشايخ المشرق والمغرب. توفي عام ٧٥٠" (٤).
١٧- محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن محمد بن علي أبو القاسم الأنصاري الأندلسي يعرف بابن الخشاب.
(٢) - نفح الطيب ٧/٣٠٢ ونحوه في أزهار الرياض ١/١٨٦-١٨٨.
(٣) - جدوة الاقتباس ١/٢٢٢ – ٢٢٣ ترجمة ١٩١.
(٤) - الإحاطة ٢/٢٧٢ – ٢٨٠.