"وقرأ أبو جعفر أيضا على خباب بن الأرث ـ معلم فاطمة أخت عمر بن الخطاب، من قبل أن يظهر الله الإسلام(١)ـ وكان خباب من المهاجرين الأولين ممن شهد بدرا ـ، لكن مدار قراءة أبي جعفر على الثلاثة الآخرين الذين مر ذكرهم"(٢). قال:
"وكان أبو جعفر ممن لقي أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهو صغير السن، فمسحت رأسه، ودعت له بأن يعلمه الله القرآن، وقد لقي أبو جعفر عبد الله بن عمر(٣)ـ رضي الله عنهما، ولا أدري أقرأ عليه أم لا؟ وعن سليمان بن مسلم بن جماز قال: أخبرني أبو جعفر أنه أتي به إلى أم سلمة زوج النبي ـ ﷺ ـ، وهو صغير السن، فمسحت رأسه، ودعت بالبركة"(٤).
ولعل أرسخ شيوخه أثرا في نفسه، وأكثرهم تأثيرا في مذاهبه في القراءة هو مولاه ابن عياش، وقد قدمنا أنه كان أول من مثل مشيخة الإقراء خاصة بعد الصحابة، وكان من أهم أصحاب أبي وزيد، وقد ذكر سليمان بن مسلم بن جماز كيف تلقى أبو جعفر عنه القراءة وتحقق من اختياراته فيها فقال:
"أخبرني أبو جعفر أنه كان يمسك على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي المصحف ـ وكان من أقرإ الناس ـ قال: ـ وكنت أرى كل يوم ما يقرأ(٥)، وأخذت عنه قراءته"(٦).
(٢) - قراءات القراء المعروفين بروايات الرواة المشهورين٤٥.
(٣) - ذكر الذهبي انه صلى بابن عمر – معرفة القراء الكبار ١/٥٩. واصل الخبر في الموطأ – تنوير الحوالك ١/١٧٩.
(٤) - قراءات القراء المعروفين للأندرابي ٤٦.
(٥) - في كتاب السبعة "فكنت أروي كما يقرأ" ولعله تحريف، والصواب ما في وفيات الأعيان ٦/٢٧٤-٢٧٥ ترجمة ٨١٤. ـ ومعرفة القراء الكبار ١/٥٩.
(٦) - كتاب السبعة ٥٨ ـ ووفيات الأعيان ٦/٢٧٤-٢٧٥ – ومعرفة القراء ١/٥٩.
٣- كتاب تحقيق مذاهب الأئمة قرأة الأمصار في المد الطبيعي والزائد عليه: ذكره له المنتوري ونقل عنه في أول باب المد من شرحه على الدرر اللوامع فقال:"قال شيخنا الأستاذ أبو عبد الله القيجاطي - رضي الله عنه - :"وقد أجمع القراء أن المد الطويل مقدار الطبيعي مرتين، والطبيعي يختلف باختلاف طبقات القراء في المد وكذلك الطويل، وقال :-رضي الله عنه- في " تحقيق مذاهب الأئمة قرأة الأمصار في المد الطبيعي والزائد عليه":" أما الطبيعي فعبارة عما في طبع حروف المد من المد الذي إذا قصر عنه اختلت الحروف، وخرجت عن حدها في التجويد".
"وأما الزائد فهو عبارة عن تمكين حروف المد زيادة على ما في طبعها من المد، ولزيادة المد سببان: أحدهما مجاورة حروف المد للهمز أو السكون، والثاني قصد الترتيل والمبالغة في التجويد... (١).
٤- كتاب تحقيق النطق بالباء :
ذكره المجاري في جملة ما سمعه عليه(٢)، ونقل عنه المنتوري في آخر باب المخارج والصفات من شرحه، وذكره في مروياته في فهرسته و قال:" قرأت جميعه عليه تفقها ثم عرضته عليه من حفظي"(٣).
٥- كتاب ترقيق اللام من اسم "الله" لورش إذا كانت قبله حركة ممالة.
ذكره المجاري باسم " تأليف في اللام"، وذكره المنتوري بالعنوان الذي أثبتناه وقال :" قرأت جميعه عليه تفقها ثم عرضته عليه من حفظي"(٤).
وسماه ابن الجزري "رسالة في ترقيق اسم الله تعالى بعد ترقيق الراء" فقال في ترجمته :
"قرأ عليه صاحبنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون البلوي، وصاحبنا أبو الحسن علي بن عيسى بن محمد الفهري الأندلسي البسطي، وحدثنا عنه برسالة كتبها في تجويز ترقيق اسم الله تعالى بعد ترقيق الراء لورش في نحو "لذكر الله" وأفغير الله"(٥).
(٢) - برنامج المجاري ١٠٤.
(٣) - فهرسة المنتوري لوحة ٢٥.
(٤) - فهرسة المنتوري لوحة ٢١.
(٥) - غاية النهاية ٢٤٣-٢٤٤ ترجمة ٣٤٢٢.