وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "كان أبو جعفر يصلي خلف القراء في رمضان يلقنهم، يؤمر بذلك، وكان بعده شبية جعلوه لذلك"(١).
وقال يحيى بن معين "كان إمام أهل المدينة في القراءة فسمي "القارئ" بذلك، وكان ثقة كثير الحديث"(٢). وذكر مثل ذلك ابن سعد في الطبقات(٣). وقال ابن حبان: "وكان قد عني بعلم القرآن، مع النسك والورع"(٤). وقال أبو بكر بن مجاهد: "وكان أبو جعفر لا يتقدمه أحد في عصره"(٥).
وقد حظيت قراءته بعده بمثل هذا التقدير، فكانت تدعى بالحرف المدني الأول، وقد روى الحسن بن الحباب عن أبي الحسن البزاز قال: حضرت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وسأله رجل فقال له: يا أبا عبد الله، بأي حرف ترى لي أن أقرأ؟ قال: حرف "المدني الأول"، قال: فإن لم أجد؟ قال: حرف عاصم(٦).
وعن قتيبة بن مهران قال: سألت سليمان بن مسلم بن جماز فقلت: أقرأت على أبي جعفر وشبية ونافع؟ قال: نعم، قد قرأت على أبي جعفر وشبية ونافع، وسألته فقلت له: أتقرأ بقراءة أبي جعفر أو نافع؟ فقال: أقرئ الناس بقراءة نافع، وإذا كنت وحدي فأحب إلي أن أقرأ بقراءة أبي جعفر"(٧).
(٢) - غاية النهاية ٢/٣٨٣ ترجمة ٣٨٨٢.
(٣) - الطبقات الكبرى لابن سعد– القسم المتم لتابعي أهل الدينة ١٥١-١٥٢ ترجمة ٦٠.
(٤) - مشاهير علماء الامصار لابن حبان ٧٦ ترجمة ٥٤١.
(٥) - السبعة في القراءات ٥٦.
(٦) - قراءات القراء المعروفين بروايات الرواة المشهورين ٤٧.
(٧) - المصدر نفسه ٤٧-٤٨.
مراتب القراء فيما يذكر... ثلاثة وحالها يعتبر
في عصرنا ولا كذا فيما مضى... فاحفظ هداك الله سبلا ترتضى
لورشهم وحمزة قل كبرى... للمكي والبصري وعيسى(١) صغرى
وسطى لشام والكسائي عاصم... هن ثلاث حفظت عن عالم
هذا اختيار من إليه الآنا... يرجع في القراءة استحسانا (٢)
هذا ما وفقت على نسبته إليه، والقطعة الأخيرة تحتمل النسبة إليه أو إلى جده لأن أبا زيد ابن القاضي لم يميز القيجاطي المراد في قوله "ونظمها القيجاطي". إلا أن الأشبه أن تكون من نظم الحفيد لتعمقه في دراسة مذاهب الأئمة ورسوخ قدمه في فقه القراءات.
ونستفيد من نقول صاحبه الإمام أبي عبد الله المنتوري في شرحه على الدرر اللوامع أن له عدة كتب في القراءة وأصول الأداء، ولا سيما في قراءة نافع، وقد ضمن شرحه المذكور نقولا ضافية تنتظم جملة الأبواب وتدل على وجود مصدر أو أكثر من تأليف شيخه كان ينقل منه تلك الأقوال بنصها وإن كان لم يسم مصدر النقل مكتفيا بقوله:" وقال شيخنا الأستاذ أبو عبد الله القيجاطي"، وهي عبارة تتكرر على طول الكتاب.
٩- ووفقت له في ذكر الاختلاس في آخر شرحه على إشارة إلى كتاب لعله في قراءة نافع قال المنتوري:" قال شيخنا الأستاذ أبو عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ في جوابه على المسائل التي سئل عنها :
(٢) - الفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع لابن القاضي (باب المد).