وكل أولئك يمكن أن يكون سمع منه القراءة أيضا، إلا أن اشتهارهم كان برواية الحديث، وقد روى ابن مجاهد في السبعة من طريق ابن لهيعة عن الأعرج قال: "سمعت ابن عباس يقرأ "تثنون صدورهم"(١)مما يدل على جمعهم بين رواية الحديث عنه ورواية حروف القراءة.
ويهمنا كثيرا مما جاء في المصادر عنه بالنسبة لتأثيره في نافع العناصر التالية:
أ منزلته العالية في المعرفة بالعربية والأنساب.
ب إسناده للقراءة عن رجال أبي جعفر وشبية المتقدمين، وقد أسند نافع قراءته لبعض أصحابه من هذه الطريق خاصة، كما قال ابن مجاهد في السبعة: "حدثني أحمد بن محمد بن صدقة(٢)قال: حدثنا إبراهيم محمد بن إسحاق المدني(٣)قال: قال لي هارون بن المسيب: قراءة من تقرأ؟ قال: قلت: قراءة نافع بن أبي نعيم، قال: فعلى من قرأ نافع؟ قال: قلت:
"أخبرنا نافع أنه قرأ على الأعرج، وأن الأعرج قال: قرأت على أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وقال أبو هريرة: قرأت على أبي بن كعب، وقال أبي: عرض علي رسول الله ـ ﷺ ـ القرآن، وقال: أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن"(٤).

(١) - السبعة في القراءات ٥٦. وقراءة ابن عباس المذكورة في كتاب المحتسب لابن جني ١/٣١٨. وهي بسكون الواو وكسر النون الثانية.
(٢) - هو أبو بكر محمد بن صدقة البغدادي من شيوخ ابن مجاهد. ترجمته في غاية النهاية ١/١١٩ ترجمة ٥٥٢.
(٣) - السند في السبعة هكذا ""إبراهيم بن محمد بن إسحاق المدني بقورس قال حدثنا عبيد بن ميمون التبان قال: قال لي هارون بن المسيب.. إلخ.
(٤) - كتاب السبعة ٥٤-٥٥.

كما أخذ به أيضا أبو عبد الله المجاري فقرأ به وأقرأ به وبغيره من اختيارات شيخه، وسلك سبيله في ذلك تلامذته ومن أخذ عنهم من أهل الأندلس، ويبدو أن الأخذ بذلك استمر إلى سقوطها، فهذا العلامة أبو جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي " ت ٩٣٨" يذكر أنه قرأ به فيقول في حديثه عن شيخه أبي سعيد فرج بن علي بن فرج الغرناطي: " جودت بالحضرة الغرناطية ـ جبر الله أحوالها ـ وحسن مآلها، وأقال فيها وفي بنياتها الإسلام برحمته ـ على شيخنا خاتمة القراء، وحامل راية الإقراء، الإمام العالم الصالح البركة، الحافظ المقرئ المجود النحوي أبي سعيد فرج ابن الفقيه العدل الإمام الأستاذ أبي الحسن علي بن فرج ـ رحمة الله عليه ـ من فاتحة الكتاب العزيز إلى قوله تبارك اسمه وتعالى جده: " قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا" قراءة ضبط وتجويد ومحافظة على الأداء، بحرف إمام الدار المقدسة دار الهجرة : نافع –رحمه الله- جمعا بين روايتي راوييه: ورش وقالون، على مضمن " الدرر اللوامع"، مع الجريان على أسلوب إمام القراء، وخاتمة أهل الأداء بالأندلس – جبرها الله – الإمام أبي عبد الله(١) القيجاطي – رحمه الله – واتباع مذهبه في اختياراته في مثل ترقيق لام اسم الجلالة بعد الحركة الممالة وغير ذلك، وسمعت كثيرا من القرءان يقرأ عليه بغير ما قراءة".
ثم ذكر أنه فارق هذا الشيخ ولم يبلغ غرضه من إكمال القراءات السبع عليه، ثم بلغه نعيه بوادي آش، وكانت وفاته ما بين السادس والعاشر من رجب سنة ٨٩٠ هـ، ثم قال: " أخبرت أنه أخذ القراءات عن الحاج الراوية المقرئ شيخ الشيوخ أبي عبد الله المجاري ـ رحمه الله ـ ولا أعلم له غيره"(٢).
٢- تجويزه الفصل بين السور بالوقف التام:
(١) - سقط لفظ اسم الجلالة من النص المطبوع.
(٢) - تبث أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي ٢١٠ – ٢١١


الصفحة التالية
Icon