قال الذهبي: "قرأ عليه نافع الإمام، وتأدب عليه عمر بن عبد العزيز، وحدث عنه ابنه عبد الله بن مسلم، وزيد بن أسلم ومحمد بن عمرو بن حلحلة(١)ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أبي ذئب(٢)وآخرون، وكان من فصحاء أهل زمانه، وكان يقص بالمدينة"(٣).
ومن خلال ما تقدم إضافة إلى بعض الإشارات الأخرى في ترجمته في المصادر، نقف على العناصر التالية مما له علاقة بمجال تأثر نافع به فيه، واقتباسه عنه أو استفادته منه في الجملة:
أ عرض نافع عليه، فهو معدود في شيوخه الخمسة الكبار كما أسلفنا.
ب جمعه في حلقته بين القراءة والتفسير، ولعله المعبر عنه بالقصص، وكان معينا لذلك من جهة السلطان، ولذا سموه بقاص الجماعة، وقد استفاد نافع منه في هذا المجال، وخصوصا فيما يتعلق بتوجيه بعض القراءات، وكان يسأله عن ما يشكل عليه من ذلك، ومن أمثلة ما رواه ابن وهب قال:
"حدثني نافع قال: سألت مسلم بن جندب عن قوله تعالى "كأنهم إلى نصب يوفضون"(٤). قال: إلى غاية، فسألته عن "ردءا يصدقني"(٥)، فقال: الردء: الزيادة"(٦).
(٢) - هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، من عباد أهل المدينة وفقهائهم وقرائهم (٥٠-١٥٩) ترجم له ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار ١٤٠ ترجمة ١١٠٧.
(٣) - معرفة القراء الكبار ١/٦٥-٦٦.
(٤) - سورة المعارج جزء من الآية ما قبل الأخيرة منها.
(٥) - سورة القصص جزء من الآية رقم ٣٤.
(٦) - نقله الذهبي في معرفة القراء ١/٦٦ وابن الجزري في غاية النهاية ٢/٢٩٧.
ونقل المنتوري عنه في ذلك قوله: "ولا يجوز عندي في هذا الفصل الوقف بالمد المتوسط، لأنه لا وجه له، ولا أصل له في القراءة يرجع إليه"
قال المنتوري: "وبالقصر في ذلك وقفت على أكثر من قرأت عليه قال: "وسألت شيخنا الأستاذ أبا عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ عن مذهبه في ذلك ؟ فقال لي: الاختيار عندي أن يجري على حكم أحرف اللين إذا أتت بعدهن الهمزات في كلمة أخرى، فمن أخذ في ذلك بالمد أخذ هنا بالمد، ومن أخذ هناك بالقصر أخذ هنا بالقصر، وهذا الذي ذهب إليه شيخنا هو الوجه، وبه آخذ"(١)
٧- ومن ذلك أخذه بالقصر لورش في الوقف على " لا ريب" و"من خوف" وما أشبهه مما قبل آخره حرف لين.
قال المنتوري بعد أن ساق الخلاف فيه لورش: " والقصر في ذلك هو اختيار شيخنا الأستاذ أبي عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ وبه قرأت عليه في الوقف، وبه آخذ"(٢).
٨- ومن ذلك أخذه لورش في باب الهمزتين بتسهيل الهمزة الثانية من المفتوحتين نحو "ءانتم "وءالد"
قال المنتوري: "وكان شيخنا أبو عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ يأخذ في الثانية بالتسهيل بين بين لورش كابن كثير، وبذلك قرأت عليه، وبه آخذ"(٣).
٩- ومنه أيضا أخذه لورش بتسهيل الثانية من المتفقتين بالفتح والكسر والضم بين بين، وكان يحتج للتسهيل بأن عليه أكثر رواة ورش، وأن رواية المصريين في ذلك أتت بالمد، فحملها قوم على البدل، وآخرون على التسهيل، وأن البدل ليس على وجه سائغ في العربية، ويؤدي في أكثر المواضع إلى اجتماع ساكنين على غير شرطهما – قال فالأخذ له بشيء متفق على روايته سائغ في العربية وهو التسهيل أولى"(٤).
١٠- ومن ذلك أخذه في الرآآت لورش بتفخيم راء قوله تعالى " فكان كل فرق كالطود العظيم" في سورة الشعراء.
(٢) - نفسه ١٤١.
(٣) - نفسه لوحة ١١٨.
(٤) - لوحة ١٤٥.