وداود بن الحصين(١)، وعبد الرحمن بن أبي الزناد(٢)، وخبيب بن عبد الله بن الزبير(٣)، وأسيد بن أسيد(٤)، وخالد بن إلياس(٥)، ونحوهم، لأنهم لم يتجردوا للقراءة تجرده"(٦).
وذكر نافع نفسه اسم رجل من أعلام عصره ربما كانت له استفادة منه أكثر مما ذكر في خبر ساقه عنه فيما حدث به عنه إسحاق المسيبي قال: "كنت أقرأ جالسا، فمر بي عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقال: يا ابن أخي، متى تقرأ قائما؟ إذا كبرت؟ إذا سقمت؟ قال: فما قرأت بعد ذلك قاعدا إلا خيل إلي أنه تمثل بين عيني"(٧).

(١) - لم يترجم له ابن الجزري في الغاية. وذكره ابن حبان في مشاهير علماء المدينة من أتباع التابعين وقال من أهل الحفظ والإتقان توفي سنة ١٣٥. مشاهير علماء المدينة الأمصار ٧٧.
(٢) - سيأتي في الرواة عن نافع.
(٣) - من التابعين مات سنة ٩٣ ـ علماء الأمصار ٧٧.
(٤) - من رواة الحروف عن عبد الرحمن بن هرمز وقد تقدم.
(٥) - ترجمته في تهذيب التهذيب ٣/٣٠.
(٦) - قراءات القراء المعروفين للاندرابي ٦٢-٦٣. والظاهر أن قوله "لأنهم" محرفة عن "إلا أنهم".
(٧) - غاية النهاية ٢/٣٣٣ ترجمة ٣٧١٨.

وأسس أبو الحسن ابنه بمراكش مدرستها المشهورة بـ"مدرسة ابن يوسف" لمجاورتها لجامع علي بن يوسف بن تاشفين بالطالعة بمراكش، وقد بقيت تؤدي وظيفتها إلى عهد قريب(١).
وبالجملة فقد قامت أركان هذه الدولة على العلم الشرعي، وبذل أمراؤها الغالي والنفيس في تشجيعه والقيام بأهله، ولا سيما يعسوب هذه الدولة السلطان الجليل أبو الحسن علي بن عثمان الذي ألف فيه العلامة ابن مرزوق كتابه المشهور "المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا أبي الحسن (٢)، وقد افرد في هذا الكتاب الباب الواحد والأربعين لذكر المدارس الكثيرة التي بناها أبو الحسن في كل بلد من بلاد المغرب الأقصى والأوسط في تازة ومكناس وسلا ومراكش وأسفي وأزمور والقصر الكبير وطنجة وسبتة وغيرها.
كما نوه أديب زمنه بذلك في أرجوزته التاريخية المسماة ب"رقم الحلل" بقوله:
وتارك المدارس الظريفة... شاهدة بأنه الخليفة
وقاطع الدهر بغير لهو... في مجلس معظم أو بهو
أما لتدريس وعلم يدرس... أو لبلاد من عدو تحرس
(١) - أدركتها عامرة بالطلبة الذين يدرسون بما كان يعرف "بالجامعة اليوسفية" ومقرها كان مسجد ابن يوسف المذكور، ثم جرى توزيع الدراسة في مساجد أخرى كمسجد المواسين ومسجد باب دكالة الكبير ومسجد الكتبيين ثم نقل الطلبة جميعا منها إلى تكنة عسكرية كانت تسمى "دار البارود"، وأجلي الطلبة عن مسجد ابن يوسف ثم عن السكنى بالمدرسة المذكورة، وقد سكنتها نحو سنة ونصف إلى أول العام من ١٣٨١هـ، وحولت المدرسة إلى معلم سياحي يتردد عليه السياح الأجانب ولا يسمح لغيرهم بالدخول إلا بإذن خاص، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
(٢) - طبع الكتاب اخيرا بعنوان "المسند الصحيح الحسن" "لابن مرزوق التلمساني تحقيق ماريا خيسوس بيغيرا –الجزائر ١٩٨١. ومنه نسخة مخطوطه بالخزانة العامة بالرباط برقم ١١١ك.


الصفحة التالية
Icon