إن النظر في دلالة هذا الخبر ليصور لنا بجلاء مبلغ الجهد الذي بذله نافع في المراجعة والتحري والعكوف على تحقيق اختياراته بمثل هذا التمحيص للروايات، والنظر في حلقات رجال السند في هذا الطور من حياته العلمية، قبل أن يطمئن إلى تلك الاختيارات، ويجعلها مادة قراءته، لقد رأى أنه لا محيص له من العودة إلى مراجعة شيوخه، وهم مصادره الحية، وذلك بعد أن نخرج عليهم، ووعى ما وعى من روايات في الآثار وحروف القرآن، ليفاتحهم في مصادرهم التي اعتمدوها، للتأكد التام منها ومن مدى سلامة سلسلة السند فيها من التهمة وضعف الذمة أو من قلة الأمانة وخفة الضبط، ونحو ذلك مما قد ينزل بمستوى الرواية والراوي وقد أعطانا رفيقه في القراءة مثالين من جملة أمثلة لا ريب أن نافعا أحس فيها بنزول مستوى السند في بعض حلقاته عن المطلوب، إذ أدرك أن في طائفة من رواياته التي يستند إليها مثل أبي جعفر المدني في بعض حروف القراءة، من لا يطمئن إليه، ومن ليس عند أهل هذا الشأن بمرضي، وإن كانت الرواية عنه معروفة في الجملة، فلا بد إذن من طلبه القراءة كرة أخرى عودا على بدء، لتهذيب رواياته وتخريجها عن الثقات من أهل العدالة المقبولين، والقراء الضابطين.
أما مروان بن الحكم والحجاج الثقفي، فكلاهما وإن كان له مشاركة في هذا الشأن، وكان له ذكر في أخبار القراء في ولايته، فإنهما لم يكونا عند علماء القراءة من أهل الرواية فيه، ولا من أهل العلم به، وإن كان كل منهما قد أسهم وأثر من خلال نفوذه السياسي ومركزه في الولاية، في المسار الذي سارت فيه القراءات كما رأينا عند الحجاج في العراق في شأن المصحف العثماني.
وقد كانت لأبي جعفر شيخ نافع رواية عن كل منهما بحكم هذا المركز والنفوذ.
بيس، وفي الأعراف بيس عنهما... وأبدلن رءيا لعيسى مدغما

باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها


وحرك الإسكان يأتي طرفا... ورش بشكل الهمز ثم حذفا
والخلف في كتابيه وعنهما... ءالان الاولى بعد عاد مدغما
وواو الاولى همزه إذ ينقل... بدءا ووصلا نجل مينا الأبجل

باب الإظهار والإدغام


وساكن المثلين صح أولا... أدغم، وخلف ماليه قد انجلى
وذال إذ أدغمه عند الظاء... عن نافع، ودال قد في التاء
وورشهم في الضاد والظا أعجما... وعنه تاء الفعل في الظا مثلما
والكل عند الدال ثم الطاء... ولام هل وبل بحرف الراء

فصل


أورثتم لبثت ثم عدت... نخسف يرد ثواب مع نبذت
وباب تعجب مع صاد ذكر... أظهر وذال الأخذ أدغم وادر
يلهث لعيسى مدغم وبا اركب... بعض وكل عنه با يعذب

باب النون الساكنة والتنوين


ادغم برل النون دون غنة... و"يوم" ابق، ولتبن بكلمة
واحرف الحلق، وعند الباء... تقلب ميما عن أولي الأداء
وأخف للباقي، وقل ياسينا... عيسى بإظهار كذاك نونا
وخلف ورش فيه والتبيين... أولى، وقيس مثلها التنوين

باب الفتح والأمالة وبين اللفظين


وإن قلبت ألفا عن ياء... قلل لدى الأفعال والأسماء
وألف التأنيث ثم أنى... مستفهما، بلى متى قد عنا
ولا خلاف بعد حرف الراء... لكن أراكهم بخلف جاء
وفي رؤوس الآي بعدها ها... خلف كسقياها ومنتهاها
وإن جررت الراء من بعد الألف... كالدار قلل إن وصلت أو تقف
والكافرين ثم كافرينا... والخلف في الجار وجبارينا
وحا لدى حاميم ثم الراء... كالرعد والحجر وكل جاء
لورشهم، وهاويا بكاف... عنه، وعيسى ثم عن خلاف
توراته، ومحض هار يعرف... ومحض هاطه لورش أعرف

باب الراءات


رقف لورش مع سكون الياء... والكسر لازمين حرف الراء
ولا يرفقان إن تأخرا... لا بالذي من قبل "كالقصر"(١) سرى
والخلف في را قرية ومريما... والرء، والداني كلا فخما
وإن محركا أو استعلاء... حال وإن أخر إلا الخاء
فخم، وحيث كررت والاعجم... وباب ذكرا، والخلاف في إرم
(١) - يعني قوله تعالى "بشرر كالقصر" في سورة المرسلات.


الصفحة التالية
Icon