"أنه كان لا يمد حرفا لحرف، وكان يمكن الياء الساكنة التي بعدها همزة وقبلها كسرة مثل: "وفي أنفسكم" والألف التي بعدها همزة مثل: "بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك"، والواو الساكنة التي بعدها همزة وقبلها ضمة، مثل: "قالوا آمنا"، "ولا تعتدوا إن الله"، حتى يتم الياء والواو والألف من غير مد(١)، فإذا كانت الهمزة من الكلمة مثل: "من السماء ماء"، و"جفاء"، و"غثاء"، و"سيئت" و"جيء بالنبيئين" و"لتنوء بالعصبة" و"تبوء باثمي"، و"السوأى أن"، و"أضاء لهم"، وما أشبه ذلك، مد الحروف مدا وسطا بين المد والقصر، ولا يهمز همزا شديدا، ولا يسكت على الياء والألف والواو التي قبل الهمزة، وإذا مدهن يصل المد بالهمز، ويمد ويحقق القراءة ولا يشدد، ويقرب بين الممدود وغير الممدود.."(٢)
وصف صاحبه أبي بكر الأعشى لقراءته:
وقال الأعشى:
"كان نافع يسهل القراءة لمن قرأ عليه، إلا أن يقول له إنسان أريد قراءتك، فيأخذه بالنبر في مواضعه، واتمام الميمات(٣)، وكانوا يقولون: قراءة نافع بز(٤)القراءة "قال السخاوي: "قلت والله أعلم ـ "لما فيها من الأنواع"(٥).
وصف صاحبه أبي سعيد ورش لقراءته:
روى محمد بن سلمة العثماني عن أبيه(٦)قال:
"قلت لورش: كيف يقرأ نافع؟ فقال: كان لا مشددا ولا مرسلا، بينا حسنا"(٧).
وصف بعض الأئمة لمذاهبه في القراءة:
من ذلك قول ابن مجاهد في كتاب السبعة عند ذكر الإدغام:
"كان نافع لا يكاد يدغم إلا ما كان إظهاره خروجا من كلام العرب، إلا حروفا يسيرة"(٨).
(٢) - كتاب السبعة لابن مجاهد ١٣٤.
(٣) - لعلها "واتمام المدات" لكن هكذا في المطبوع.
(٤) - من فاخر أنواع الثياب – ينظر اللسان ٥/٣١١-٣١٢.
(٥) - جمال القراء وكمال الإقراء ٢/٤٤٧.
(٦) - هو راوي خبر رحلة ورش إلى نافع وسيأتي في ترجمة ورش.
(٧) - نقله ابن الجزري في التمهيد في علم التجويد ٦٣.
(٨) - كتاب السبعة في القراءات ١١٣.
ولعل هذا الالتباس أو الاشتراك في الاسم هو ما حذا ببعض الأئمة إلى تسمية النظم الأول باسم "المهذب المختصر"(١) أو "الخراز القديم"(٢)، في حين احتفظوا باسم "عمدة البيان" لقسم الضبط الملحق حاليا ب"مورد الظمآن"، وعلى هذا درج بعض شراح أرجوزة الضبط كالشوشاوي في "حلة الأعيان شرح عمدة البيان" وسعيد الكرامي في "إعانة الصبيان" وغيرهما.
ومع تخلي أبي عبد الله الخراز عن أرجوزته الأولى واستبداله بها أرجوزة المورد الحالية، فقد ظلت في أيدي الناس إلى عهد قريب، وأكثر ما نجده متداولا منها الأبيات الخمسة المتعلقة بوجوب اتباع رسم المصحف الإمام، وقد عني بنقلها عامة من كتبوا في ذلك، منهم من ذكرها نقلا عن ما سماه "المهذب المختصر"(٣)، ومنهم من نقل عن ما سماه "عمدة البيان"، والمسمى واحد، والأبيات هي قوله:
فواجب على ذوي الأذهان | أن يتبعوا المرسوم في القرآن |
ويقتدوا بمن رآه نظرا | إذ جعلوه للأنام وزرا |
وكيف لا يجب(٤) الاقتداء | لما أتى نصاً به "الشفاء" |
إلى عياض(٥) أنه من غيرا | حرفا من القرءان عمدا كفرا |
زيادة أو نقصا أو إن بدلا | شيئا من الرسم الذي تأصلا |
الفصل الثاني:
أرجوزة الرسم الأولى المسماة "عمدة البيان في رسم أحرف القرءان" لأبي عبد الله الخراز.
(٢) - سماه به أيضا ابن مجبر ونقل منه أبياتا.
(٣) - إرشاد اللبيب ٢٨٥.
(٤) - في بيان الخلاف والتشهير "وكيف لا يصح".
(٥) - في إرشاد اللبيب "شقا عياض".
(٦) - وفقت عليها في خزانة خاصة.