ومن المقارنة بين قراءة نافع في هذه الحروف العشرة وقراءة جعفر بن محمد، نجد المطابقة التامة بينهما فيها جميعا بدون استثناء، مما يدل على أن قراءتيهما واحدة أو متقاربة إلى أبعد الحدود، وربما كان سبب هذا التوافق أو التقارب راجعا إلى وحدة المصدر، على ما ذكره الإمام الأندرابي عن أبي جعفر محمد بن مسعود ـ وكان من قراء المدينة ـ قال: "قراءة أهل المدينة قراءة علي بن أبي طالب ـ رصي الله عنه ـ(١)فيستفاد من هذا توافق قراءة نافع مع قراءة جعفر بن محمد، لأنهما كانتا معا جاريتين في حروفهما على ما تواتر واستفاض عند أهل المدينة نقلا عن قراء الصحابة علي وعثمان وأبي وزيد وابن عباس وأمثالهم، بحيث لم يكن لنافع فيها إلا زيادة تحرير وتنقيح، واقتصار على الشائع والسائر المشهور.
ولعله من ههنا جاء وصف الواصفين لها خاصة بأنها سنة، فروى سعيد بن منصور أنه سمع مالكا يقول: قراءة نافع سنة"(٢)، وقال عبد الله بن وهب: قراءة أهل المدينة سنة، فقيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم(٣).
وجاء عن الليث بن سعد أنه قال:"أدركت أهل المدينة وهم يقولون: قراءة نافع سنة"(٤).
وللعلماء في بيان تأويل قول مالك وأهل المدينة هذا ووصف قراءة نافع بذلك بوجه خاص وجوه:
فقال الإمام مكي بن أبي طالب في أول كتاب التبصرة: "يعني بذلك سنة أهل المدينة"، ثم قال في دفع التوهم بأن سواها خارج عن السنة: "والقراءات الثابتة من السنة التي لا مدفع فيها لأحد"(٥).

(١) - قراءات القراء المعروفين ٤٨.
(٢) - السبعة لابن مجاهد ٦٢ – وغاية النهاية ٢/٣٣٧.
(٣) - جمال القراء ٢/٤٤٥.
(٤) - نقله أبو شامة في إبراز المعاني ٦.
(٥) - التبصرة في القراءات لمكي – تحقيق د/محيي الدين رمضان ٤٥.

والضعفؤا للذين تفتؤا
ثمت فيكم شركؤا نبؤا
في غير توبة وقل لا تظمؤا
وشركؤا شرعوا ويدرؤا
واختلفوا في قوله ينبئوا
كذلك أنبؤا وليس ألف
في مثل ذا من قبل واوٍ تؤلفُ

فصل وياء عوضت من همزة


حيث أئنكم أئن الظلة
في النمل أئنا وفي اليقطين
أئمة ائن على يقين
كذا أئفكا أئذا في الواقعة
وأوء نبئ بواو وقعت

باب حرف وردت منتشرة


مزيدة فهاكها منحصرة
فألف في مائة ومائتين
تفرقة وفي أنا حيث أتين
لكنا في الكهف كذا رسمنه
وزيد في النمل لا أذبحنه
وألف ابن ثبتت بوصف
أو خبر، وزد لشايء الكهف
ثم معا يايئس وفي لا تايئسوا
والخلف في استيئس ثم استيئسوا
كذا لأوضعوا وجاء لاإلى(١)
وفي لأنتم لأتوها نقلا
وغير نصب لؤلؤ بعض كتب
مع حرف فاطر، وكل إن نصب
في غيرها، وبعد نحو واعلموا
من بعد فعل كتولوا فعموا
إلا سعو بسبإ وجاءو باءو
تبوءو عتو عتوا فاءو
واحذفه بعد الواو في أن يعفو
مع ذو ونحو مرسلوا لا حذف

فصل وياء زيد في إيتاءي


من قبل ذي القربى ومن تلقايء
وأفإين مات ومن ورأيء
في سورة الشورى ومن ءانايء
بأييكم ونبإى الأنعام
أولى بأييد الذرو(٢) للإعلام
وملأ خفضا مضافا للضمير
وأفإين مت خطابا للنذير
كذاك للغازي معا لقايء
في الروم قل وكلهم واللائي

فصل وفي أولي أولات وأولوا


أولئكم للفرق واوا أدخلوا
وفي أولئك وفي أولاء
وسأوريكم فيه خلف جاء
ولأصلبنكم في الشعرا
ثم بطه فيهما قد كثرا

باب حروف من ذوات الياء


بألف جاءت لدى الهجاء
فألف منقلب عن ياء
بالياء في الأفعال والأسماء
كنحو بشراكم هدى وكالعمى
ثم من استعلى وأعطى ورمى
سوى عصاني ورءا والأقصا
ومن تولاه معا من أقصا
نئا طغا الماء وسيما الفتح
فرسمها على مراد الفتح
وكل ما أدى إلى التألف
بينهما فرسمه بالألف
(١) - يعني "لإلي الجحيم" في سورة اليقطين.
(٢) - يعني بالذرو سورة الذاريات، وفي المخطوطة بدل الذرو "الرزق" ولا معنى له.


الصفحة التالية
Icon