وسواء حملنا قول مالك وأهل المدينة على ما ذهب إليه مكي أم القيجاطي أم ابن العربي، فإننا لا نعدو الحقيقة في شأن هذه القراءة، إلا أن ما ذهب إليه ابن العربي يستوقفنا هنا على وجه الخصوص لأهميته، إذ رب قائل يقول: إذا كانت قراءة نافع سنة أو "هي السنة" فمن أية رواية؟ وعلى أي وجه من أوجه الأداء؟ وكيف نفسر وقوع الخلاف بين أصحابه عنه مع ما ذكرناه له من أخذه في القراءة باختياره الخاص؟
يقتضي منا الجواب عن هذه الأسئلة وقفة خاصة لبيان ذلك، وتحديد الأسباب المشروعة لوجود الخلاف حتى عن القارئ الواحد في المصر الواحد، سواء تعلق الأمر بنافع أم بغيره من أئمة القراء.
اختلاف الرواة عنه وأسبابه:
كان زمن تصدر نافع للإقراء ممتدا جدا يبلغ أزيد من سبعة عقود، وقد التف عليه خلال هذا العهد الطويل من طلاب القراءة عدد لا يحصى، منهم من أتيح له معه طول الصحبة حتى دون عنه اختياراته وكانت له نسخة عنه، ومنهم من لم يتح له ذلك، فاكتفى بالسماع منه، أو بعرض قراءته عليه، فكان بين الرواة عنه بسبب ذلك وغيره وجوه واسعة ومنادح كثيرة من الاختلاف في أصول الأداء وحروف القراءة مما يتوارد عليه الخلاف بين القراء.
مال الذين مال هذا وابن أم
فصل وقل من كل ما بالقطع
جاء بإبراهيم دون منع
وكل ما ردوا وقبل دخلت
وجاء أمة بخلف قطعت
وكل ما ألقي أيضا فصلا
لكن في جل الرسوم وصلا
فصل وقل في ما فعلن ثانيا
وجاء في وسط العقود تاليا
وجاء حرفان لدى الأنعام
وحرف الأنبياء بانفصام
والشعرا والنور ثم الواقعة
والروم أربع كذاك واقعة
ثم بتنزيل معا وقد ذكر
لدى جميعهن وصل مستمر
باب من الحروف بالوصل أتت
لكونها في اللفظ قد تألفت
ووصلوا فأينما تولوا
ومثله في النحل ثم يتلو
حرف النسا وسورة الأحزاب
والشعرا هذان باضطراب
فصل وبيسما اشتروا من دون
خلف وبيسما خلفتموني
مع بيسما يأمركم قل وصلا
كلاهما بالخلف فيما نقلا
فصل لكيلا الحج ثم الأحزاب
ثان وبالحديد دونما ارتياب
فصل وألن جاء دون خلف
لدى القيامة وآي الكهف
والخلف في ألن لدى المزمل
وقطعه أشهر في المعول
فصل ويبنؤم فيم مما
خلق ممن وبفتح أما
كالوهم أو وزنوهم ربما
منها نعما عم صل كأنما
القول في رسم مضاف هاء
مؤنث لظاهر بالتاء
فرحمت بالتاء قل في البقرة
وزخرف معا أتت مستطرة
ومريم وهود والأعراف
وسورة الروم على ائتلاف
وفبما رحمة أيضا ذكرت
لكن هاء في الصحيح رسمت
فصل وجاءت نعمت في البقرة
وفي العقود بعدها مقتفرة
ثانيهما ثم بآل عمران
وفاطر والطور ثم لقمان
وآخر النحل ثلاثا(١) فاشمل
وحرفي إبراهيم غير الأول
وهكذا نعمت ربي قد رسم
عن الخراساني وغاز وحكم
فصل وفي الأنفال ثم غافر
سنت مع ثلاثة بفاطر
فصل وقل قرت عين فطرت
وقبل نجعل لعنت ولعنت
نور وقل بقيت وامرأت
في سبعة والمزن فيها جنت
وفي الدخان شجرت ومعصيت
وابنت وفي الأعراف خلف كلمات(٢)
ثم ثلاث النحل أعني الأخرى | وواحد في الطور ليس أكثرا |