ومن هذا القبيل ما نقله ابن أبي حاتم عنه أيضا في تفسير لفظة "الفوم" من قوله تعالى في سورة البقرة "فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها..."(١). إذ جاءت القراءة فيها بلفظ "وثومها" منسوبة إلى مصحف ابن مسعود(٢)، وتروى قراءة عن ابن عباس أيضا(٣)، وفسرت قراءة الجمهور "وفومها" بالفاء: بالخبز وبالحبوب، كما فسرت بالثوم بإبدال الثاء فاء، على طريقة العرب في بعض الأمثلة من ذلك، فتتحد القراءتان في المعنى مرة، وتختلفان أخرى(٤)، وعلى تأويلها بالمعنى الأول جاء الخبر من طريق نافع، قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، قال: أنبأنا ابن وهب قراءة، حدثني نافع بن أبي نعيم أن ابن عباس(٥)سئل عن قول الله "وفومها"، ما فومها؟ قال: الحنطة، قال ابن عباس: أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح(٦)
قد كنت أغنى الناس شخصا واجدا ورد المدينة عن زراعة فوم(٧)
ومن ذلك ما حدث به نافع أيضا عن بعض شيوخه في بيان تأويل كلمتين من القرآن اختلفت القراءة فيهما، فاختلف التأويل باختلاف القراءتين، وذلك في قوله تعالى
(٢) -المصاحف لابن أبي داود ٦٥.
(٣) - المصاحف ٦٥ ومختصر شواذ القراءات لابن خالويه ٦.
(٤) - غريب القرآن لابن قتيبة ٥١ – وتفسير القرطبي ١/٣٦٢-٣٦٣.
(٥) - في هذا الخبر انقطاع لأن نافعا لم يدرك ابن عباس، إذ مات سنة ٦٨ هـ، وولد نافع حول سنة ٧٠ هـ لكنه مسند من وجوه أخرى صحيحة كما سيأتي.
(٦) - هو أحيحة بن الجلاح بن الحريش نسبه إلى الأوس من اليمن – ينظر الأغاني لأبي الفرج ١٣/١١٠.
(٧) - نقله ابن كثير في تفسيره ١/١٧٦ – والبيت المذكور منسوب إلى أحيحة بن الجلاح بهذا اللفظ أيضا عند القرطبي في تفسيره ١/٣٦٢، وساقه السيوطي في الإتقان ١/١٢٢ في المسائل المعروفة بمسائل ابن الأزرق، فنسبه لأبي محجن الثقفي وقال: "قد كنت أحسبني كأغنى واحد قدم المدينة عن زراعة فوم.
٢- رواية أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن سعيد: وهذه كانت أسير الروايات، وقد رواها الشيخ أبو زكرياء السراج وأسندها في فهرسته عن الراوية المذكور، ووصفه بالأستاذ المقرئ، ومن طريقه عنه أسندها الإمام المنتوري في فهرسته، إلا أنه قال: "وحدثني بها غير الذيل بآخرها في الضبط عن الشيخ الأستاذ المقرئ أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن سعيد قراءة عن ناظمها سماعا"(١).
وأسندها من هذه الطريق عن السراج عن أبي زيد عن الناظم أبو عبد الله بن غازي ولم يستثن شيئا(٢).
٣- رواية أبي سعد محمد بن عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي
هي أيضا من الروايات المشهورة، وقد بدأ بها الإمام المنتوري فأسندها عن أبي زكرياء السراج المذكور عن أبي سعد المذكور عن ناظمها(٣).
وذكر السراج المذكور أن الراوي رواها عن الناظم إجازة، وحدث هو بها عن الراوي وبجميع تآليف أبي عبد الله الخراز كتابة عن مؤلفها إجازة، وأسندها ابن غازي بالسند إليه على هذه الصفة(٤).
عنوان الأرجوزة:
أما اسم هذه الأرجوزة فقد فصل فيه الناظم فقال:
لأجل ما خص من البيان | سميته بـ "مورد الظمآن" |
(٢) - فهرسة ابن غازي ٩٩.
(٣) - فهرسة المنتوري لوحة ٢٩-٣٠.
(٤) - فهرسة ابن غازي ٩٩.