فمثال النوع الأول: الكلمات التي رسمت بالتاء المبسوطة، وجاءت القراءة فيها عن السبعة وغيرهم بالجمع والإفراد، مثل قوله تعالى: "وكذلك حقت كلمت ربك"(١)، "وتمت كلمت ربك"(٢)، ومثل "في غيبت الجب"(٣)حيث رسمت هذه الكلمات بتاء مبسوطة في المصحف، فاحتملت أن تكون رسمت على إرادة الجمع مع حذف الألفات اختصارا أو إشارة إلى القراءة الأخرى، واحتملت أن تكون رسمت على قراءة الإفراد مع بسط التاء لتحتمل القراءة الأخرى، وهما معا قراءتان متواترتان عن السبعة وغيرهم(٤).
ومثال النوع الثاني: الكلمات التي تختلف صيغها وأوزانها الصرفية واللغوية باختلاف القراءة، مع قبول الرسم فيها لأكثر من وجه، باعتبار تقدير بعض الألفات أو الواوات أو الياءات محذوفة، وذلك في مثل قوله تعالى: "وإن ياتوكم أسرى تفدوهم.."(٥)حيث قرئت "أسارى" ككسالى، وقرئت "أسرى" كمرضى(٦)، وكذلك قرئ "تفدوهم" من "فدى" الثلاثي ومن "فادى" الرباعي(٧)، والرسم محتمل لكل ذلك تحقيقا أو تقديرا مع التسامح في الخلاف اليسير المتعلق بحذف بعض الألفات، وهو نوع من الحذف يسميه القراء "حذف الإشارة" يريدون به الإشارة إلى اختلاف القراء في قراءة الكلمة بالحذف والإثبات(٨).
(٢) - سورة الأنعام الآية رقم ١١٦.
(٣) - سورة يوسف الآيتان ١٠-١٥.
(٤) - قال في النشر عند ذكر "كلمت" :"قرأ الكوفيون ويعقوب بغير ألف على التوحيد في الثلاثة، وافقه ابن كثير وأبو عمرو في يونس وغافر، وقرأ الباقون بألف على الجمع فيهن" –النشر ٢/٢٩٣.
(٥) - البقرة ٨٥.
(٦) - قرأ حمزة أسرى بغير ألف، وقرأ باقي العشرة بالفاء بعد السين – النشر ٢/٢١٨.
(٧) - قرأ نافع وأبو جعفر وعاصم والنسائي ويعقوب الحضرمي "تفادوهم" بألف بعد الفاء" – النشر ٢/٢١٨.
(٨) - قسموا الحذف إلى حذف اختصار واقتصار وإشارة ـ ينظر في ذلك "الدرة الصقيلة لأبي محمد اللبيب (مخطوط).
"وكان تلا بالسبع وبقراءة يعقوب الحضرمي، وبقراءة يزيد بن القعقاع، وبغير ذلك على الشيخ الأستاذ نور الدين أبي الحسن علي بن سبع(١)، وأجاز له إجازة عامة.
"وقرأ القرآن في اللوح وأقام الرسم على الشيخ المقرئ المكتب المنجب أبي محمد عبد الله الشهير بابن آجطا، وقرأ عليه "مورد الظمآن"، وكان قرأها على ناظمها المذكور".
"وقرأ شيخنا أبو الحسن علي على شيخه أبي محمد المذكور بعض شرحه لمورد الظمآن" المذكور، وصححه بين يديه ونسخه من أصله، وعاق عن إكماله عليه موته، رحمهم الله أجمعين".
قال أبو زكرياء السراج: "وقد سمعت منه بعض الشرح المذكور"(٢).
ولعل من تمام الفائدة هنا أن نذكر مع شرح ابن آجطا طائفة من الشروخ المختصرة التي كانت مختصرات له استكمالا لبيان أهميته وبليغ أثره فيمن جاء بعده.
٢- فمن هذه الشروح: كتاب الدرر الحسان في اختصار كتاب التبيان في شرح مورد الظمآن "لأبي عبد الله محمد بن خليفة بن صالح السجلماسي الصنهاجي. ذكره غير واحد من الباحثين(٣)، وذكر بعضهم أنه "كتب جله في رحلاته إلى إفريقية سنة ٨٣٦"(٤).
٣- كتاب ري العطشان في رفع الغطاء عن مورد الظمآن لأحمد بن علي بن عبد الملك الركراكي.
(٢) - فهرسه السراج المجلد ١ لوحة ٣٥٩-٣٦٠.
(٣) - توجد مخطوطة منه بالمكتبة الوطنية بتونس تحت رقم ٤٠٥٨ – ذكره الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله في الموسوعة المغربية ١/٩٥ وفي معلمة القرآن والحدث في المغرب الأقصى ٥١ نشر مركز البحوث بالمملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي – دار الثقافة والنشر بالجامعة ١٤٠٥-١٩٨٥. – وكذا القرآن والقراءات بالغرب ٤٨.
(٤) - سعيد أعراب في القرآن والقراءات بالمغرب ٤٨ – ونظرة على التراث القرآني حول مقرأ نافع – دعوة الحق ٢٧٣ – السنة ١٩٨٩ ص ١٥٤.