"فهذا سبب الاختلاف بينهما" ثم قال:" فنقل نافع أصح من نقل أبي عبيد لما ذكرته، وبالله التوفيق"(١).
ومهما يكن فقد كان نافع بهذه المثابة التي ذكرها له أبو محمد اللبيب في إطلاعه ومعرفته الراسخة بالمرسوم في المصحف المدني، سواء اطلع عليه في النسخة الأم التي أودعها عثمان المسجد النبوي(٢)، أم في النسخ المأخوذة منه المعتمدة بالمدينة عند أئمة الإقراء المتصدرين، وقد تلقى عنه تلامذته هذا الرسم كاملا، وأطلقوا عليه "هجاء السنة"(٣).
ويشهد لما ذكره اللبيب أيضا عن مواظبة نافع على النظر في إمام أهل المدينة وتمكنه من ذلك، ما ذكره عمر ابن شبة بسنده عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الله بن عبيد الله بن عتبة قال: "ان أول من جمع القرآن في مصحفه وكتبه، عثمان بن عفان، ثم وضعه في المسجد، فأمر به يقرأ في كل غداة"(٤).
إلا أن ابن شبة قد ساق بعده خبرا آخر يدل على ضياع هذا المصحف، وأن الحجاج في زمنه كتب المصاحف من جديد، وبعث بها إلى الأمصار، وبعث بمصحف إلى المدينة، فكره ذلك آل عثمان، فقيل لهم: "أخرجوا مصحف عثمان ـ رضي الله عنه ـ فقيل: " أصيب المصحف يوم قتل... قال: فلما استخلف المهدي بعث بمصحف إلى المدينة، فهو الذي يقرأ فيه اليوم، وعزل مصحف الحجاج فهو في الصندوق الذي دون المنبر"(٥).
(٢) - سيأتي الخلاف في شأن بقائها في المسجد أو ضياعها.
(٣) - سيأتي ذكر أخذ الغازي بن قيس عنه لهذا الهجاء.
(٤) - تاريخ المدينة المنورة لعمر بن شبة ١/٧.
(٥) - المصدر نفسه ١/٧-٨.
"ويحتمل أن يكون الحذف فيما أرجح لتقديمه في كلام الناظم، على أن التقديم يؤذن بالتفضيل، ولكن هذا الاحتمال لم يذكره ابن آجطا، ولكن سمعته من شيخي الجليل أبي عمران موسى بن عمر بن شعيب الجزولي لطف الله به"(١).
ويقع الشرح في ١٠٥ صفحة من الحجم المتوسط، وفيه نقص ملزمة من ١٨ صفحة تركها الناسخ بيضاء ولعله أجّل انتساخها لمعنى ففاته ذلك، وذلك عند قوله: "قرءانا أولى يوسف وزخرف".
ولم يرد فيه ذكر لتاريخ التأليف ولا النسخ، إلا أن معه بالخط نفسه مجموعة من المؤلفات ومنها "ضبط الخراز" وأرجوزة ابن بري "بخط عبد الرحمن بن محمد الوداني"(٢).
٤- شرح المورد أو مختصر التبيان لأبي عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن حمامة النيجي الشهير بالصغير (٨٠٣-٨٨٧) شيخ أبي عبد الله بن غازي.
ذكره له ابن غازي في مروياته عنه فقال: "وأما شرحه على "مورد الظمآن" فتتناولُه إجازته لي العامة، وقد ذكر لي – رحمه الله تعالى – أنه لم يشدد له زيمه(٣)، وإنما اختصره من شرح أبي محمد آجطا من غير تأمل في الغالب"(٤).
٥- شرح مورد الظمآن لأبي عبد الله محمد بن أبي مدين شعيب بن عبد الواحد اليصلتي المعروف بالمجاصي
(٢) - ويظهر أن الناسخ المذكور كان صاحب المجموع كله، ويتضمن كتاب "التيسير لأبي عمرو" الداني انتهى الناسخ المذكور من نسخه يوم الثلاثاء١٣ شوال عام ١٢٠٨ و"ضبط الخراز" فرغ منه في ٨ صفر عام ١٢٠٧، وذكر أنه كان مشارطا في مسجد آل زاوية سيدي وكاك للتعليم والصلوات الخمس والجمعة بعشرين مثقالا في السنة والحرث إن قدر عليه (التويزة).
(٣) - الزيم جمع زيمة: القطعة من الإبل – اللسان ١٢/٢٧٩ع٢، وقد نظر إلى قول البوصيري في قصيدة البردة في المديح "تلك المكارم لم أشدد لها زيمي".
(٤) - فهرسه ابن غازي ٤٣.