ومن هنا جاء اهتمام المغاربة بوجه خاص بتتبع قضايا الرسم على مذهب نافع، وعنوا به عناية خاصة، انطلاقا من أخذهم لاختياره في القراءة، واعتمادهم لمذهبه في الجملة، فظهر فيهم من أئمة هذا الشأن من برز فيه تبريزا منقطع النظير كأبي عمرو الداني وسليمان بن نجاح تلميذه من المتقدمين، وأبي عبد الله الخراز من المتأخرين حتى أضحوا عمدة أهل القرآن في تحقيق مسائل هذا الفن رسما وضبطا، وظلوا كذلك مرجعا إلى الآن(١).
وبلغ من حرصهم على تحديد مذهب نافع في ذلك أن قاموا بإحصاء لما تتطرق إليه الزيادة والنقصان حسب نوع القراءة، فأحصوا الأحرف التي تمثل تلك الزيادات في قراءة نافع، فقال الإمام الشوشاوي:
"وأما عدد ألفات القرآن على مذهب نافع، فهي ثمانية وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون ألفا..." وذكر نحوا من ذلك في عدد الياءات والواوات(٢).

(١) - ما تزال مؤلفات المغاربة والأندلسيين عمدة في هذا الشأن في تصحيح قضايا الرسم وتحرير مسائل الخلاف، ودليل ذلك اعتماد مختلف اللجان التي تتولى طبع المصاحف في مختلف البلدان الإسلامية على كتبهم، سواء التي طبعت برواية ورش أم التي طبعت برواية حفص عن عاصم، وقد نصت لجن طبع المصحف الشريف التي قامت بطبعه بموافقة إدارة الإفتاء العام في الجمهورية العربية السورية بتاريخ جمادى الثانية عام ١٣٩٨ –١٥ أيار ١٩٧٨ – في تعريفها بمصادرها في طبع المصحف برواية حفص على أنه "أخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصاحف التي بعث بها سيدنا عثمان بن عفان... على حسب ما رواه الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داود سليمان بن نجاح مع ترجيح الثاني عند الاختلاف، والعمدة في بيان كل ذلك على ما حققه الأستاذ محمد بن محمد الأموي، الشريشي المشهور بالخراز في منظومته مورد الظمآن... الغ
(٢) - الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة للشوشاوي ٣٥٣.

الثاني والأربعون:... فمائة ومائتان فارسمن... بألف يبديه مع لأاذبحن
الثالث والأربعون:... لا تايئسوا يايئس وقل عن بعضهم... في استيأسوا واستيأس أيضا قد رسم
وابن نجاح بالخلاف نقلا... لا وضعوا ولأتوها --- لإلي
لأنتم واختار حذف الألف... على قياس الرسم فيه فاعرف
وجاء أيضا لإلى جيء معا... لدى العقيلة وكلّ نسفعا
الرابع والأربعون:... إذن يكونن(١) لأهب ونونا... لدى كأين رسموا التنوينا
وفي إذا وليكونا لأهب... تقلب، ونصه هنا له وجب:
وذاك أن الألف المرسومة... مبدلة من نونها المعلومة
وصورت في لأهب للهمزة... لأجل أن خصت بشكل الفتحة
الخامس والأربعون:... ومالك وصالح وخالد... تعميمه لابن نجاح ـ وارد
السادس والأربعون:... والخلف للدانيّ في الأعلام... دون الصفات فاستمع نظامي... قد جاء عنه في تكذبان.
وكل ما جاء بلفظ "عنه"... فلأبي داود انسبنه(٢)
إلا الذي مع تكذبان... فذلك الضمير قل للداني(٣)
إذا رسمتها بياءين احذف
لابد من إثباته من بعدها
السابع والأربعون:
وأغفل الداني لفظ إنسان
وباسط في الكهف والرعد معا
في سورة الرعد وفي الصديق
والحذف في الرياح حيث وقعا
بأيام الله بإثبات شهر
وأغفل الرسام حذف الصاحب
واحذفه للجميع دون بهتان
ولفظي القهار أيضا وقعا
حذفه التنزيل بالتحقيق
حذفها اللبيب فافهم واسمعا
عن...... وغيره كذا ذكر(٤)
(١) - المقصود إذا بالتنوين وليكونا بالتنوين عوضا عن النون كما كتب في المصحف، وقد أجري فيه الوصل: مجرى الوقف فكتب بالتنوين بدل النون ورسم بالألف كما يوقف عليه.
(٢) - يريد هنا استدراك هذه المسألة على صاحب المورد في مصطلحه الذي يشير به إلى التمييز بين الداني وابن نجاح، لأنه قال في الإشارة إليهما معا: " وكل ما جاء بلفظ "عنهما" فابن نجاح مع دان رسما.
(٣) - يعني قوله في المورد
وياء أيام بحذف الألف... ٠@"لابن نجاح فيه ثم الداني
وإن بياء وحدها رسمتها
(٤) - غامض في المخطوطة.


الصفحة التالية
Icon