"اعلم أن قوما جهلوا العدد وما فيه من الفوائد، حتى قال الزعفراني(١): ان العدد ليس بعلم وإنما اشتغل به بعضهم ليروج سوقه، قال: وليس كذلك، ففيه من الفوائد معرفة الوقف، ولأن الإجماع انعقد على أن الصلاة لا تصح بنصف آية(٢)، وقال جمع من العلماء: تجزئ بآية، وآخرون بثلاث آيات، وآخرون لا بد من سبع، والإعجاز لا يقع بدون آية"(٣).
وأضاف الإمام أبو العباس القسطلاني إلى هذه الفوائد ما يقدمه للقارئ من معونة على حسن الأداء، ومساعدة على معرفة موضع الوقف وكيفيته، قال: لأن بعض القراء زاد على رسم الخط ستين ياء في رؤوس الآي"(٤)، وبعضهم امال رؤوس الآي من بعض السور(٥)، وبعض أصحاب الأزرق(٦)رقق ما غلظ من اللامات الواقعة في رؤوس الآي الممالة(٧)، فمن ثم احتيج إلى تمييز الفواصل من غيرها(٨).
وقبل أن نتحدث عن ريادة نافع في هذا العلم، نرى من المفيد أن نقدم نظرة موجزة عن "العدد" واختلاف مدارس الأمصار فيه نقلا عن الإمام أبي الفرج بن الجوزي، لمعرفة جهود علماء الصدر الأول فيه، قال في فنون الأفنان:
(٢) - ينظر نقل الإجماع على ذلك أيضا عند السيوطي في الإتقان ١/٦٩ نقلا عن الهذلي.
(٣) - الإتقان ١/٦٩ – ومناهل العرفان للزرقاني ١/٣٣٩. ونص الهذلي في الكامل (لوحة ٤٨) وفيه "فقالوا ليس بعلم".
(٤) - وذكر ابن الجزري أن عدد الياءات الزوائد في رؤوس الآي ٨٦ ياء – النشر ٢/٢٨١.
(٥) - ومن أهمهم ورش عن نافع وحمزة والكسائي.
(٦) - هو أبو يعقوب يوسف بن عمرو بن يسار صاحب ورش.
(٧) - المراد قوله "فلا صدق ولا صلى" في سورة القيامة" وذكر اسم ربه فصلى "في الأعلى" "وعبدا إذا صلى" في العلق.
(٨) - لطائف الإشارات للقسطلاني ١/٢٦٤-٢٦٥.
إثبات ثانية كآمنينا | وآخرين قل ولا آمينا |
كما هو المعروف في الهمزات | في مرتضى الكتاب والنحاة |
وما من الجمع بهمزة فتح | وذكر نحوا من ذلك بصيغة نظمية أخرى. |
وكتبوا مضارع الرضوان | باليا لأجل ماضيه الزماني |
تدعى وتتلى من ذوات الواو | لكن باليا خط كل راو |
جاء بتاء أو بيا للحمل | على المركب المضي الفعل |
دون دعا عفا لبعد البسط | من المركب ففه بالقسط |
يرضى ويشقى مثل ذا في الحكم | إذ كتبا باليا كذا في الرسم |
وقال صاحب (مجموع البيان في شرح مورد الظمآن" عند ذكر "ولو أنما في الأرض" معترضا على ما نقل عن أبي العاص "ووقع بذلك نزاع بمجلس الأستاذ ابن عبد الكريم – يعني صاحب الفصول في شرح الدرر اللوامع – رحمه الله -، فقال الشيح يعني أبا الحسن علي بن عبد الكريم الأغطاوي: من له نسخة من "الكشف" فليات بها، وإن كان لا يلتفت إلى ما يقوله ولا يعول على نقله، ولكن يكون استئناسا، فلما كان في غد يومه أحضرت نيف وثلاثون نسخة، فإذا هو لم يتعرض لذلك بحال.