"وأما عدد آي القرآن فمختلف فيه أيضا على حسب اختلاف العادين، والعد منسوب إلى خمسة بلدان: مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام".
"فالعدد المكي منسوب إلى مجاهد بن جبر وعبد الله بن كثير".
والمدني الأول منسوب إلى نقل أهل الكوفة إياه عن أهل المدينة مرسلا، لم يسموا فيه أحدا.
والمدني الآخر منسوب إلى أبي جعفر يزيد بن القعقاع وصهره شيبة بن نصاح، وبينهما خلاف في ست مسائل وهي قوله: "مما تحبون"(١)"وان كانوا ليقولون"(٢)"وقد جاءنا نذير"(٣)و"إلى طعامه"(٤)و"فأين تذهبون"، ترك هذه الخمس آيات(٥)أبو جعفر، وعدهن شبة، وعد أبو جعفر "مقام ابراهيم"(٦)وتركها شيبة".
قال ابن المنادي(٧): أما المدني الأول فلا يدرى على الحقيقة في أي زمن هو، وكأنه عدد صحابي متوافق عليه، فلكثرة أهله لم يعز إلى أحد مسمى، فإن كان قبل كتاب المصحف فهو مأخوذ من أفواه الرجال، وإن كان عن مصحف، فهو مأخوذ قبل استنساخه كتبا، فلما نشأ أبو جعفر وشيبة اختارا من عد الماضين كما من الحروف"(٨).
وقد كان لنافع أخذ بالعددين معا، إلا أنه فيما يظهر كان يأخذ بالأول، ثم انتقل إلى الآخر، وذلك ما يفيده ما ذكره الإمام الداني وغيره، قال في البيان عن عدد آي القرآن:
(٢) - سورة اليقطين الآية رقم ١٥١.
(٣) - سورة الملك الآية رقم ٩.
(٤) - سورة عبس الآية رقم ٢٤. وقوله "فأين تذهبون" من سورة التكوير من الآية رقم ٢٦.
(٥) - كذا والصواب "الخمس الآيات" بتعريفهما.
(٦) - سورة آل عمران الآية رقم ٩٧.
(٧) - هو أحمد بن جعفر بن محمد أبو الحسين البغدادي المعروف بابن المنادي من كبار أئمة القراءات، توفي سنة ٣٣٦هـ. ترجمته في غاية النهاية ١/٤٤ ترجمة ١٨٣.
(٨) - فنون الأفنان في عيون علوم القرآن لابن الجوزي ٣٩.
فقال:
وأنما في الأرض صل في الرسم... إياك إياك طريق الوهم
لأنهم قد عيبوا الذي قطع... فدل أن غيره القطع منع
حملا له أيضا على الأمثال... كأنما نملي لهم يا تال
وإنما نمدهم وأنما... تدعونني تنبهن وافهما
من نظره بـ "أن ماله" امتلا... جهلا إذ الفرق لديهم جلا
لأن ذا نقص وذاك تما... لكنه من نحوهم ما شما
والقطع يعزى لكتاب "الكشف"... بل ذكره في "الكشف" غير عرف
فالوصل يا أخي هو الصحيح... والقطع يا فتى هو القبيح
لا تغترر بهذه المصاحف... بل فاعتبر مصاحف الأسالف
كذلك "المقنع" و"التنزيل"... ومنصف "عقيلة" النبيل
وقال في آخر ما رسم بالتاء المبسوطة: "وهاهنا ستة ألفاظ مرسومة بالتاء لم يذكرها الناظم، وقد ذكرتها في هذين البيتين، وهما قولنا:
وكتبوا يا أبت هيهاتا... مرضات مات اللات مع ولاتا
جميعها بالتاء في المرسوم... المقتدى ببرقه(١) المعلوم
أما مصادر الشوشاوي في شرحه فعديدة منها المقنع والتنزيل والمنصف والعقيلة والكشف لمكي والمهدوي في التحصيل والمنبهة للداني والميمونة في الضبط للقيسي وشرح اللبيب للعقيلة وشرح كراسة الجزولي لأبي إسحاق العطار وشرح ابن بابشاذ على المقدمة، وبعض شروح المورد التي لا يسميها ولكن يقول "وقال بعض الشراح".
وقد ذكر في آخر شرحه تاريخ الفراغ منه "في العشر الأولى من شهر الله المعظم عام ٨٤٨هـ(٢).
١٠- مختصر من "شرح تنبيه العطشان" للرجراجي لمؤلف غير مذكور.
(٢) - اعتمدت فيما نقلت على نسخة من الشرح بخزانة أوقاف آسفي غير مرقمة، وجاء ذكر اسم ناسخها في آخرها وهو محمد بن أحمد بن داود أبو السمن، وفرغ من نسخها بعد العشاء من يوم الخميس سابع عشر المحرم فاتح عام ١٠٦٣. ويقع في ٤٠٠ صفحة من القطع الكبير.