"وقد وقع إجماع العادين على أن القرآن ستة آلاف ومائتا آية، ثم اختلفوا في الكسر الزائد على ذلك، فروى المنهال بن عمرو(١)عن ابن مسعود أنه قال: القرآن ستة آلاف ومائتا آية وسبع عشرة آية، وهذا مبلغه في المدني الأول، وبه قال نافع، وأما المدني الآخر فأربع عشرة آية"(٢).
وقد اعتبر ابن الجوزي نافعا من أهل المدني الآخر، وساق ذكر الخلاف بين علماء العدد في سور القرآن من الفاتحة إلى آخره، نذكر كذلك من أهل هذا العدد، فمن ذلك قوله في سورة المزمل:
"ثمان عشرة آية في عد رجلين من المدني الأخير، وهما أبو جعفر وشيبة، وتسعة عشر في عد البصري، وعطاء وأهل حمص، وفي عد المكي والكوفي والمدني الأول ورجل واحد من المدني الأخير وهو نافع" ثم قال: "اختلافها ثلاث آيات: عد الشامي والكوفي والمدني الأول "يا أيها المزمل" آية، وعد الكوفي ونافع وحده من المدني الأخير "إنا أرسلنا إليكم رسولا"(٣)آية، وعد الشامي والكوفي والمدني الأول والمدني الأخير نافع وحده والبصري" يوما يجعل الولدان شيبا"(٤)آية"(٥).
وقال في سورة الشمس:
"خمس عشرة آية، في عد الشامي والكوفي والمكي ورجلين من المدني الأخير، وهما أبو جعفر وشيبة، والبصري وعطاء بن يسار وست عشرة آية في عد المدني الأول ورجل من المدني الأخير، وهو نافع"(٦).
(٢) - فنون الأفنان ٣٩-٤٠.
(٣) - سورة المزمل الآية ١٥.
(٤) - نفس السورة الآية ١٧.
(٥) - فنون الأفنان ٦٧.
(٦) - فنون الأفنان ٧٠.
١٦- فتح المنان المروي بمورد الظمآن لأبي محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري المتوفى بفاس سنة ١٠٤٠هـ.
من الشروح القيمة، بل ربما كان أجود شروح المورد المعروفة على الإطلاق لما فيه من استيعاب وتحرير، طبع طبعة قديمة في صدر المائة الماضية ولم أقف عليه في هذه الطبعة(١)، ولكني وقفت عليه في نسخ خطيه كثيرة في الخزائن العامة والخاصة(٢)، وهو من أوسع الشروح انتشارا واعتمادا في المشرق والمغرب. وأوله:
"قال العبد الضعيف الملتجئ إلى باب كرم مولاه، الغني به عمن سواه، عبد الواحد بن علي... "الحمد لله الذي شرح صدورنا لما رسم في سطور منشورها، ونظم في عقود معمورها، من لوامع آيات لقرءان... وبعد أيها الإخوة في الله والصفوة الأخدان، فهذا بحول الله "فتح المنان، المروي بمورد الظمآن"، شرح (٣) يحل مقفله، ويبين مجمله، حسب الطاقة والإمكان، ويذكر مغفله، ويزيح مشكله، بساطع الدليل والبرهان، مقنع في رسم التنزيل اللبيب والمصنف النبيل، بمحكم الضبط وواضح التبيان، ممتع من جواهر الفن بالعقيلة، والدرة الصقيلة والجميلة(٤) طالبيها من أذكياء الإخوان...
(٢) - منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط برقم ١٠ وأخرى برقم ٧٦ وبالخزانة الحسنية ٢٠ نسخة منها النسخة رقم ٤٨٤٩ في ١٧٣ ورقة، وهي مؤرخة بأواخر شوال عام ١٠٢٨ وهو العام الذي نجز فيه التأليف كما سيأتي (ينظر فهرس = الخزانة الحسنية لمحمد العربي الخطابي ٦/١٨٣-١٨٤ ومنه نسخة بدار الكتب المصرية برقم ٢١٥ (تفسير – تيمور) ونسخ كثيرة لا أطيل بها في الناصرية والقرويين وغيرها، ووقفت على نسخ في المكتبات الخاصة منها نسخة ب "زاوية الفقيه ابن صالح مؤرخة بعام ١٠٦١.
(٣) - في بعض النسخ بالنصب.
(٤) - هذه توريات بأسماء الكتب في الرسم.