عشرا وسبعا، ثم زاد الآخر عشرا وأربعا، وذاك ظاهر(١)
ولعل نافعا قد أدرج داخل تأليفه: "العدد المثاني" فنا آخر يتعلق بمعرفة المكي والمدني، وهو من متممات علم العدد، فكان من متقدمي علماء السلف الذين اهتموا بذلك، وقد وصل إلينا طرف من النقول عنه يدل على اهتمام فعلي بهذا الفن، كما يدل على اعتداد العلماء بأقواله فيه، وذلك فيما نقله العلامة علم الدين السخاوي في كتابه جمال القراء عند حديثه عن الخلاف في السور المكية والمدنية.
ومن أمثلة ذلك قوله في سورة الرحمن"
"فمنها اختلافهم في تنزيل سورة الرحمن، فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ وابن عباس والحسن وعكرمة وعطاء بن يسار وقتادة: هي مكية، وقال عطاء بن أبي مسلم عن ابن عباس ونافع بن أبي نعيم وكريب: هي مدنية"(٢).
وقال في سورة الإخلاص:
"ومنها اختلافهم في سورة الإخلاص، فقال عطاء بن أبي مسلم: انها مكية، وكذلك قال كريب ونافع بن أبي نعيم"(٣).
سادسا: علم الأسانيد الموصلة للقرآن
أما العلم السادس الذي لا يسع القارئ فضلا عن المقرئ جهله، فهو علم الأسانيد والطرق الموصلة للقرآن، لمعرفة المتواتر في النقل من غيره من المشهور والآحاد والشاذ، ومعرفة منازل الرواة ودرجاتهم في العدالة والثقة والضبط، ومراتب التحمل والأداء، وما إلى ذلك من جزئيات هذا العلم.
وقد مر بنا الحديث عن مدى اهتمام نافع بمعرفة هذا الشأن ومراجعته لبعض مشايخه الأحياء بعد اكتمال نضجه العلمي، للوقوف على مستنداتهم ومصادرهم في رواية حروف القراءة قصد التثبت منها، كما رأينا فيما حكاه زميله في القراءة على أبي جعفر: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، أن نافعا كان يأتي أبا جعفر فيقول: يا أبا جعفر، ممن أخذت حرف كذا؟ فيقول: من رجل قارئ، من مروان بن الحكم.. إلى آخر الخبر..".
(١) - الأرجوزة المنبهة للداني.
(٢) - جمال القراء وكمال الإقراء ١/١٧-١٨.
(٣) - نفسه ١/١٩.

هو عنوان أرجوزة ألحقها ابن عاشر بشرحه المذكور وشرحها بنفسه، قال في نهاية الشرح "فتح المنان": "وهذا ذيل سميته "الإعلان بتكميل مورد الظمآن" ضمنته بقايا خلافيات المصاحف في الحذف وغيره مما يحتاج إليه من تخطى قراءة نافع إلى غيرها من سائر قراءات السبعة، إذ مازال أذكياء الطلبة الناشئين في هذا الفن وحذاقهم يسألون عن كيفية رسم كثير من المواضع إذا أخذنا فيها بغير مقرأ نافع، فيقصر في الجواب عن مثل هذه المطالب الجليلة من اقتصر على "المورد" و"العقلية، وقد جزأت "الإعلان" بتجزئة أرباع القرءان وهذا أوله:
بحمد ربه ابتدا ابن عاشر مصليا على النبي الحاشر
هاك زوائد لمورد تفي بالسبع معه من خلاف المصحف
المدني والمكي والإمام والكوفي والبصري والشآمي
١٨- تنبيه الخلان على الإعلان بتكميل مورد الظمآن "في رسم الباقي من قراءات الأئمة السبعة الأعيان للشيخ إبراهيم بن أحمد المارغني التونسي صاحب "دليل الحيران على مورد الظمآن"، جعله ذيلا عليه، وهو مطبوع معه، وأوله قوله: "الحمد لله الذي علمنا رسم الآيات القرءانية على نحو ما في المصاحف العثمانية.
وعدد أبيات "الإعلان" لابن عاشر ٤٦ بيتا، وقد انتهى المارغني من شرحه هذا بتونس سنة ١٣٢٥هـ(١).
أهمية فتح المنان لابن عاشر:
لا يدرك أهمية هذا الشرح في موضوعه إلا من وقف عليه وتتبع مباحثه وتحريره للمسائل، وقد أثنى عليه غير واحد من العلماء، ومنهم الشيخ محمد الطيب القادري في "نشر المثاني" في سياق ذكره لمؤلفاته فقال:
"ومنها شرحه العجيب على "مورد الظمآن في علم رسم القرءان"، وقد أجاد فيه ما شاء، وليس الخبر كالعيان، وقد كان شرح (المورد) دينا على العلماء الأعيان، وأدرج فيه تأليفا آخر سماه "الإعلان بتكميل مورد الظمآن" في نحو خمسين بيتا، وشرحه"(٢).
(١) - طبع معه في مجلد واحد بالمطبعة التونسية بتاريخ جمادى الثانية ١٣٢٥.
(٢) - نشر المثاني ١/٢٨٥-٢٨٦.


الصفحة التالية
Icon